كانت لنا حرة الحدثان وكان إذا كان الليل فهي نار تشتعل وإذا كان النهار فهي دخان يسطع وكانت طيئ تعشى إبلها بضوء تلك النار من مسيرة سبع ليال فأتانا خالد ابن سنان من مريطة فقال: إن الله “عز وجل” أمرني أن أطفئ عنكم هذه النار فليقم معي منكم من كل بطن رجل فقام معه عشرة رجال وكنت أحدهم حتى أتى القليب فخرج منه عنق من النار ثم استدار علينا حتى صرنا في مثل كفة الميزان فجعلنا نتقيها بعصاة حتى احترقت، ثم بالنعال حتى احترقت، ثم بالعمائم حتى احترقت فقلنا له: يا خالد أي أهلكتنا قال: كلا إنها مأمورة وإني مأمور ثم جعل يضربها بالعصا وهو يقول: بداً بَداً كل حق لله مؤداً، أنا عبد الله فلم يزل يضربها حتى ردها إلى القليب ثم تقدم خلفها وعليه قميصان له أبيضان فأبطأ علينا فقال ابن عم له: لا يخرج منها أبداً ثم خرج علينا وقميصاه يصبان عرقاً وهو يقول: بداً بَداً كل حق هو له مؤداً، أنا عبد الله الأعلى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها أبداً قال: فأهل ذلك البيت يدعون ابن راعية المعزى إلى اليوم . فلما بعث الله محمداً “عليه السلام” أتته محياة بنت خالد فانتسبت له فبسط لها رداءه وأجلسها عليه وقال: “أبنت أخي نبياً ضيعه قومه”