رد: تغاريد تغريدلكل ماهو جديد
كان لرجلٍ صيّادٍ ثلاثُ بناتٍ ، وكان في كلِّ يومٍ يصطحبُ إحداهنَّ معه إلى شاطئ النهرِ ، ثم يعودُ في المساءِ ، وقد امتلأت سلَّتُه بالسمكِ الكثيرِ !
وبينما كان الصيادُ يتناولُ الطعامَ مع بناته في أحدِ الأيامِ ، قال لهنَّ :
إنَّ السمكةَ لا تقعُ في شبكةِ الصيادِ إلا إذا غَفَلت عن ذكرِ اللهِ !
قالت إحداهنَّ : وهل يذكرُ اللهَ ، ويُسبَّحهُ أحدٌ غيرُ الإنسانِ – يا أبي -؟
قال الصيادُ : إنّ كُلَّ ما خلقَهُ اللهَ تعالى من مخلوقاتٍ يسبّحُ بحمده ، ويعترفُ بأنه هو الذي خلقَهُ ، وأوجده ، فالعصافيرُ وغيرُها من الطيور ، وحتى الحيتانُ الكبيرةُ والسمكُ الصغيرُ يفعلُ ذلك ؟!
تعجبتِ الفتاةُ من كلامِ أبيها ، وقالت : لكننا لا نسمعُها تسبّحُ اللهَ ، ولا نفهمُ ما تقولُهُ ؟!
ابتسمَ الأبُ وقال :
- إنّ كلَّ مخلوقٍ له لغةٌ يتفاهمُ بها مع أفرادِ جنسِه ، والله تعالى على كلِّ شيءٍ قديرٌ ..
ولما حان دورُ ليلى ، وخرجتْ مع أبيها ، قررتْ أن تفعلَ أمراً ، ولكنها لم تخبر أحداً به .
ووصلَ الأبُ إلى شاطئ النهرِ ، ورمى بصنّارته ، وهو يدعو الله تعالى أن يرزقه ويغنيه .. وبعد قليلٍ تحرَّك خيطُ الصنارةِ فسحبهُ ليخرجَ سمكةً كبيرةً لم يرَ مثلها من قبل ، ففرحَ بها ، وناولَها لابنته ليلى لتضعها في السلةِ ، ثم رمى مرةً بعدَ مرةٍ وفي كلِّ مرةٍ كان يصطادُ سمكةً !!
ولكنَّ ليلى الصغيرةَ كانت تُعيدُ السمكة إلى النهر مرةً أخرى !!
وحينَ أقبلَ المساءُ ، وأراد أبوها أن يعودَ إلى المنزلِ نظر في السلةِ فلم يجد شيئاً ! فتعجّب أشدَّ العجبِ ، وقال :
- أين السمكاتُ –يا ليلى- وماذا فعلتِ بها ؟
قالت ليلى : لقد أعدتها إلى النهر يا أبي .
قال الأب : وكيف تعيدينها ، وقد تعبنا من أجلها !؟
قالت ليلى : سمعتك –يا أبي- تقولُ يومَ أمس :
" إنَّ السمكةَ لا تقعُ في شبكةِ الصيادِ إلا حين تغفلُ عن ذكرِ اللهِ ".
فلم أُحبَّ أن يدخلَ إلى بيتنا شيءٌ لا يذكرُ اللهَ تعالى ..
نظرَ الصيادُ إلى ابنته – وقد ملأتِ الدموع عينيه - وقال :
- صدقتِ يا بُنيتي .
وعادَ إلى المنزل ، وليس معه شيءٌ !!؟
وفي ذلك اليومِ كان أميرُ البلدةِ يتفقّدُ أحوالَ الناس ، ولما وصلَ إلى بيتِ الصيادِ أحسَّ بالعطشِ ، فطرقَ البابَ ، وطلبَ شربةً من ماء ..
فحملت رضوى أختُ ليلى الماءَ ، وأعطته للأمير وهي لا تعرفه ، فشربَ ، وحمدَ الله ، ثم أخرجَ كيساً فيه مئة درهم من فضةٍ ، وقال :
- خذي –يا صغيرتي- هذه الدراهمَ هديةً مني لكم ..
ثم مضى .. فأغلقتْ رضوى البابَ، وهي تكادُ تطيرُ من الفرحِ ، ففرحَ أهلُ البيت ، وقالتِ الأم :
- لقد أبدلنا اللهُ خيراً من السمكاتِ !
ولكنَّ ليلى كانت تبكي ، ولم تشاركهم فرحتهم فتعجّبوا جميعاً من بكائها ، وقال أبوها :
- ما الذي يبكيك – يا ليلى- إنّ الله تعالى عوّضنا خيراً من السمك ؟
قالت ليلى : يا أبي هذا إنسانٌ مخلوقٌ نظرَ إلينا – وهو راضٍ عنا - فاستغنينا وفرحنا بما أعطانا ، فكيف لو نظر إلينا الخالقُ سبحانه – وهو راضٍ عنا - ؟
قال الأبُ : وقد فرح بكلامها أكثر من فرحه بالدراهم :
- الحمدُ لله الذي جعل في بيتي من يذكّرنا بفضلِ اللهِ تعالى علينا
|