من أحكام عيد الفطر
من أحكام عيد الفطر
د. يوسف بن عبدالله الأحمد
أولاً : الاستعداد لصلاة العيد بالتنظف ، ولبس أحسن الثياب : فقد أخرج مالكـ في موطئهـ عن نافع : " أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى "وهذا إسناد صحيح .
قال ابن القيم : " ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعهـ للسنة أنهـ كان يغتسل يوم العيد قبل خروجهـ ". (زاد المعاد 1/442 ) .
وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً لبس أحسن الثياب للعيدين . قال ابن حجر : " روى ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنهـ كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين ". ( فتح الباري 2/51 ) .
ثانياً : يسن قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر أن يأكل تمرات وتراً : ثلاثاً ، أو خمساً ، أو أكثر من ذلكـ يقطعها على وتر ؛ لحديث أنس رضي الله عنهـ قال : " كان النبي صلى الله عليهـ وسلم لا يغدوا يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وتراً " أخرجه البخاري .
ثالثاً : يسن التكبير والجهر بهـ ـ ويسر بهـ النساء ـ يوم العيد من حين يخرج من بيتهـ حتى يأتي المصلى ؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : " أن رسول الله كان يخرج في العيدين .. رافعاً صوتهـ بالتهليل والتكبير .. " ( صحيح بشواهدهـ ، وانظر الإرواء 3/123) . وعن نافع : " أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ، فيكبر بتكبيرهـ " أخرجه الدارقطني بسند صحيح .
ومن صيغ التكبير ، ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنهـ : " أنهـ كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله . والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد " أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح .
تنبيهـ : التكبير الجماعي بصوت واحد بدعة لم يثبت عن النبي صلى الله عليهـ وسلم ، و لا عن أحد من أصحابهـ . والصواب أن يكبر كل واحد بصوت منفرد .
رابعاً : يسن أن يخرج إلى الصلاة ماشياً ؛ لحديث علي رضي الله عنه قال : " من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً " أخرجه الترمذي ، وهو حسن بشواهدهـ .
خامساً : يسن إذا ذهب إلى الصلاة من طريق أن يرجع من طريق آخر ؛ لحديث جابر رضي الله عنهـ قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " أخرجهـ البخاري .
سادساً : تشرع صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفاعها . بلا أذان ولا إقامة . و هي ركعتان ؛ يكبر في الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات . و يسن أن يقرأ الإمام فيها جهراً بعد الفاتحة سورة ( الأعلى ) في الركعة الأولى و( الغاشية ) في الثانية ، أو سورة (ق) في الأولى و ( القمر ) في الثانية . وتكون الخطبة بعد الصلاة ، ويتأكد خروج النساء إليها ، ومن الأدلة على ذلكـ :
1. حديث عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كان يكبر في الفطر والأضحى ؛ في الأولى سبع تكبيرات ، و في الثانية خمساً" أخرجه أبو داود بسند حسن ، وله شواهد كثيرة .
2. و عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة والعيدين ب (سبح اسم ربكـ الأعلى ) و ( هل أتاكـ حديث الغاشية ) أخرجهـ مسلم .
3. و عن عبيدالله بن عبدالله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ سأل أبا واقد الليثي : ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر ؟ فقال : " كان يقرأ فيهما ب ( ق والقرآن المجيد ) و ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) " أخرجه مسلم .
4. وعن أم عطية رضي الله عنها قالت : " أُمرنا أن نَخرجَ ، فنُخرج الحُيَّض والعواتق ، وذوات الخدور ـ أي المرأة التي لم تتزوج ـ فأما الحُيَّض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ، ويعتزلن مصلاهم " أخرجهـ البخاري ومسلم .
5. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " شهدت صلاة الفطر مع نبي الله و أبي بكر و عمر وعثمان ، فكلهم يصليها قبل الخطبة " أخرجهـ مسلم .
6. و عن جابر رضي الله عنه قال : " صليت مع رسول الله صلى الله عليهـ وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة " أخرجهـ مسلم .
سابعاً : إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة ، فمن صلى العيد لم تجب عليهـ صلاة الجمعة ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليهـ وسلم قال : " اجتمع عيدان في يومكم هذا ، فمن شاء أجزأهـ من الجمعة ، وإنا مجمعون إن شاء الله " أخرجهـ ابن ماجة بسند جيد ، ولهـ شواهد كثيرة .
ثامناً : إذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال صلوها جميعاً من الغد ؛ لحديث أبي عمير بن أنس رحمهـ الله عن عمومة لهـ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " أن ركباً جاءوا إلى النبي صلى الله عليهـ وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم النبي صلى الله عليهـ وسلم أن يفطروا ، وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم " أخرجهـ أصحاب السنن ، وصححهـ البيهقي ، والنووي ، وابن حجر .
تاسعاً : لا بأس بالمعايدة ، وأن يقول الناس : ( تقبل الله منا ومنكـ ) .
قال ابن التركماني : " في هذا الباب حديث جيد .. وهو حديث محمد بن
زياد قال : كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيرهـ من أصحاب النبي صلى الله
عليهـ وسلم ، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض : ( تقبل الله منا ومنكـ )
قال أحمد بن حنبل : إسنادهـ جيد " ( الجوهر النقي 3/320 ).
عاشراً : يوم العيد يوم فرح وسعة ، فعن أنس رضي الله عنهـ قال : قدم رسول
الله صلى الله عليهـ وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : " ما هذان
اليومان ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليهـ وسلم
: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ، ويوم الفطر "
أخرجهـ أحمد بسند صحيح .
حادي عشر : احذر أخي المسلم الوقوع في المخالفات الشرعية التي يقع فيها
بعض الناس من أخذ الزينة المحرمة كالإسبال ، وحلق اللحية ، والاحتفال المحرم
من سماع الغناء ، والنظر المحرم ، وتبرج النساء واختلاطهن بالرجال .
و احذر أيها الأب الغيور من الذهاب بأسرتكـ إلى الملاهي المختلطة ،
والشواطئ والمنتزهات التي تظهر فيها المنكرات .
و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
|