السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أين يبدأ النسب ؟ بل ماهو النسب وماهي غايته ؟ ماهي مقاصده الشرعية والحكمة السماوية منه ؟
رواية ,وكتاب ,ومخطوطة ,ومؤرخ , دول , ومستشرقون ....
مؤلف مأجور , وباحث كاذب , وشيخ مسترزق , وجاهل مقدم !
غايات ذاتية طغت على غايات جماعية , وحقيقة غيبت وكذبت أشيعت !
قال تعالى (( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ))
الهدف والغاية : لتعارفوا عادات وتقاليد طبائع وسلسلة نسب , ومع ذلك فإن قربكم من الله بني على التقوى
فقط .
قال تعالى (( أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله )) وقال تعالى (( ومن شر حاسد إذا حسد ))
الحسد غيب الحقيقة في كثير مما كتب في علم الأنساب والحسد منبعه ضعف الدين والإيمان .
من عجز عن نسب نفسه فمن باب أولى أن يكون عاجز عن غيره ! .
إذن النسب يبدأ من الإنسان نفسه اسمه, وأبيه ,جده ,وفصيلته ,وفخذه ,وبطنه ,وقبيلته . وبعد ذلك يكون
قادرا على ربط التسلسل بكافة الفصائل والفخوذ والبطون ومن ثم القبيلة بأكملها بدأ من نفسه كما أسلفنا .
وهل يمكن ذلك ؟ بالحقيقة نعم , إذا كان الهدف النسب القريب والذي يمكن إدراكه ومعرفته بالنقل والرواية
والتسلسل , أما النسب البعيد فيكون الربط من خلال البحث والفرضيات والمعطيات ومن ثم التعميم
والنظريات , وليس شرطا تتابع النسب لظروف كثيرة يطول تفصيلها وذكرها .
ولعلي أذكر كتاب جمهرة الأنساب لابن حزم فهو من أفضل الكتب التي تحدثت في الأنساب وحققت العلم في معارفه وحقيقته , فلك أن تجد التدرج في ذكر الأفراد ,والفصائل ,والفخوذ ,والبطون ,والفروع , والقبائل
بأسلوب علمي وتدرج طبقي في الأنساب يضع المبحر في هذا العلم أمام الحقيقة العلمية لهذا العلم .
ولنا أيضا أن نرى الكتب التي تحدثت في الأنساب في أزمنة عقبته وكيف هي مخالفة لمبادىء هذا العلم
وموجهة وفق مبادىء تتنافى مع قيم علم الأنساب في حقيقته وواقعه , فإما كانت موجهة وفق عقائد دينية ,
أو سياسية , أو عرقية , أو قبلية منحطة يغلب عليها الجاهلية من قذف وشتم وتشفي , أو أنانية طاغية
تحجم فيها القبيلة وترفع بها الأشخاص ويكون الغلو في حقهم مالايقبله عقل ولامنطق . ولكن من يصنع هذا
الزيف بحق القبائل والأشخاص ؟
إن حب التمجيد والتميز والثناء فطرة إنسانية ولكن بحدود المنطق والحقيقة من غير الكذب والتدليس , فأطراف عديدة تشترك في الصناعة الدرامية والحبكة الإعلامية لمثل هذه الصور ,التي تسيء لعلم الإنساب
في أصالته وأهدافه السامية , فمن الباحث المسترزق ,إلى الشاعر المتسول ,إلى المتحدث المنافق
,وختاما إلى المستشيخ المتاجر بقبيلته وشرفه و مروءته وحتى دينه في بعض الأحيان , تكتمل تلك الصورة
الملمعة والمكذوبة لتخرج تاريخا لقبيلة ما مكذوب ومزيف وبعيدا عن الحقيقة و يرتكز على المدح والثناء على
أشخاص أو فخوذ ومن ثم يقال تاريخ قبيلة أو علم أنساب ! .
إن مخافة الله ومن ثم البعد المعرفي والإدراكي المحيط بأي علم ومعرفة وكذلك الجوانب التراكمية التي
يترتب عليها هذا العلم من قيم ومبادىء سامية ,هي المنهج القويم الذي يميز باحث عن باحث وكاتب عن
كاتب ففرق بين من بجل نفسه أوشيخ أو فخذ على حساب الترابط الإجتماعي والثقافي ,وبين الباحث الذي
يضع الحقيقة وفق المنهج العلمي بتجرد وأمانة ويضعها أمام المتلقي الباحث عن الحقيقة القائمة على
الترابط والتاريخ وصلة الرحم .
وكم من كاتب أصبح ماكتبه يلاحقه في دنياه قبل آخرته , وكم من كاتب طلب رضا الناس بسخط الله فسخط
الله عليه وأسخط الناس عليه .
خاتمة :
ما أجمل أن تكون أنت كما أنت ! ما أجمل الحقيقة ما أقصر حبل الخداع والزيف ! .
[/frame]