ترك المعاصي
سالة خاصة إلى من لا يستطيع ترك المعصية...تذكر قبل أن تعصي أن الله يراك، ويعلم ما تخفي وما تعلن: قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي لْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْم الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم)- تذكر قبل أن تعصي.. الملائكة تحصي عليك جميع أقوالك وأعمالك، وتكتب ذلك في صحيفتك، لا تترك من ذلك ذرة أو أقل، قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيدٌ}- تذكر قبل أن تعصي... يوم تدنو الشمس من الرؤوس قدر ميل ويعرق الناس، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يُلجمه العرق إلجاماً- تذكر قبل أن تعصي.. يوم يحشر الناس حفاة عراه قال يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً قالت عائشة: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض) متفق عليه- تذكر قبل أن تعصي.. ملك الموت وهو يعالج خروج روحك، ويجذبها جذباً شديداً، تتقطع له جميع أعضائك من شدة جذبته، وتتمنى حينها أن تسبح تسبيحة واحدة فلا تقدر، أو تكبر تكبيرة واحدة فلا تقدر، أو تهلل تهليلة واحدة فلا تقدر، أو تصلي ولو ركعتين خفيفتين فلا تقدر، أو تقرأ ولو آيه واحدة من القرآن فلا تقدر، فقد ألجم اللسان، وشخصت العينان، ويبست اليدان والرجلان وطاش العقل من شدة ما يرى- تذكر قبل أن تعصي ..القبر وعذابه، وضيقه وظلمته، وديدانه وهوامه، فهو إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار قال لولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر [رواه مسلم]- تذكر قبل أن تعصي.. وقوفك بين يدي الله تعالى يوم القيامة ، ليس بينك وبينه حجاب أو ترجمان ، فأحذر أن يشدّد عليك في الحساب، فقد قال من نوقش الحساب عُذّب [متفق عليه ]- تذكر قبل أن تعصي.. شهادة أعضاء العصاة عليهم، كما قال سبحانه: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُم وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُم عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوخَلَقَكُمْ* أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }- تذكر قبل أن تعصي.. أن لذة المعصية مهما بلغت فإنها سريعة الزوال، مع ما يعقبها من ألم وحسرة وندم وضيق عيش في الدنيا، وتعرض للعذاب في النار يوم القيامة تذكر قبل أن تعصي أن المعاصي ظلمات بعضها فوق بعض، وأن القلب يمرض ويضعف ويظلم بسبب الذنوب والمعاصي، وقد يموت بالكلية، وإذا مات القلب تحتم الهلاك وتأكد الخسران، قال تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيُّ قلبٍ أُشر بها نكتت فيه نكتهٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكرها نكتت فيه نكتةُ بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه) متفق عليه- وأخيراً تذكر قبل أن تعصي.. أن الذنوب تؤدي إلى قلة التوفيق، وحرمان العلم، وحرمان الرزق، وضيق الصدر وتعسير الأمور، ووهن البدن، وقصر العمر، وموت الفجأة، وفساد العقل، وذهاب الحياء والغيرة والأنفة والمروءة من القلب والمعاصي تزيل النعم، وتحل النقم، وتمحق بركة العمر وبركة الرزق، وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعة، وتعرض العبد لأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة وتخرج العبد من دائرة الإحسان وتمنعه من ثواب المحسنين. ومن أعظم عقوباتها انها تورث القطيعة بين العبد وربه، وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير، واتصلت به أسباب الشر.نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده الطائعين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
|