05-Dec-2010, 08:17 AM
|
#1
|
عضو متألق
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1740
|
تاريخ التسجيل : Dec 2010
|
أخر زيارة : 09-Apr-2014 (09:36 PM)
|
المشاركات :
419 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
متى تكون الفكرة واضحة ..؟؟
متى تكون الفكرة واضحة ..؟؟
إننا كثيراً ماننخدع بالإلف والعادة, فنألف كلمة معينة ونعتاد قولها وسماعها, حتى ليخيل إلينا أنها فكرة واضحة, مع أنها قد لاتكون من الوضوح في شيء, ولاتزيد على كونها "صوتاً" مألوفاً لأسماعنا, وإني لأحسب أن ديكارت نفسه – وهو على رأس من نادوا في التاريخ الحديث بالتزام التفكير الواضح – قد أخطأ هذا الخطأ الذي أشرت اليه, وهو أن يظن الكلمة المألوفة فكرة واضحة, بدليل أنه قد جعل عبارته المشهورة "أنا أفكر" مقياساً للفكرة الواضحة, فقد حسب – أولاً – أنها عبارة واضحة بذاتها, وأنها ثانياً – يصح أن تتخذ مقياساً لما ينبغي أن يكون عليه الوضوح في غيرها من العبارات ,أي ان الفكرة التي تبلغ عنده من درجة الوضوح مابلغته هذه الفكرة ,تؤخذ على أنها هي الأخرى واضحة.
مع أن عبارته هذه تحتوي على كلمتين : كلمة "أنا" وكلمة "أفكر" هما أبعد ماتكون الكلمات عن الوضوح, ومن ذا الذي يستطيع حتى اليوم أن يقول إنه قطع برأي يقيني جازم في حدود الشخصية الإنسانية وعناصرها التي نجمعها جميعاً تحت كلمة "أنا" ,أو يقول إن "التفكير" قد عرف معناه على وجه التحديد الذي لاإبهام فيه ولاغموض ؟
- كلا, إنما خدع ديكارت بالإلف والعادة, فما دامت كلمة "أنا" مألوفة, ومادامت كلمة "تفكير" معهودة مكرورة, فهما – في ظنه – واضحتان, والعبارة التي تتألف منهما واضحة لاتحتاج الى مزيد من بيان.
إذاً الفكرة الواضحة هي التي يمكن تحويلها الى عمل, فكل فكرة لاتدلك بذاتها على مايمكن عمله, بحيث يكون هذا العمل هو معناها الذي لامعنى لها سواه, تكون "صوتاً" فارغاً, مهما قالت لنا القواميس عنها, الفكرة الواضحة هي مايمكن ترجمته الى سلوك, ومالايمكن ترجمته على هذا النحو لاينبغي أن نقول عنه إنه فكرة غامضة وكفى, بل ليس هو بالفكرة على الإطلاق , وليس هنالك في الدنيا شيء أسمه "فكرة نظرية" لاشأن لها بالعمل والتطبيق, إذ الفكرة النظرية هي الخطة التي يمكن تنفيذها ,وما لاسبيل الى تنفيذه عملا وسلوكا, ليس من الفكر في شيء, ولذلك لافرق بين الفكر النظري والفكر العملي الا في الترتيب الزمني, فما هو اليوم فكرة نظرية يمكن أن يصبح غداً فكرة عملية ... "النظر" من جهة و"العمل" من جهة أخرى, طرقان لشيء واحد – هو الفكرة – ولاعبرة بعد ذلك بالأسماء, فنحن نقول عنها اصطلاحاً إنها "فكرة" حين نشير الى طرفها الدلخلي ,ونقول عنها إنها "عمل" حين نشير الى طرفها الخارجي.
|
|
|