كيفـ تدربـ أطفالكـ على الصوم!!!!

كيــف يمكنــك مساعــدة أطفالـك علـى صيـام شهــر رمضــان؟

لا يزال الكثير منا يحمل ذكريات الطفولة عن شهر رمضان، كيف بدأ يتعود على الصوم.. احتفاء المجتمع من حوله به عندما صام أول يوم.. المنافسة بينه وبين أقرانه في استكمال صيام شهر رمضان.. الغيرة التي كانت تنتابنا عندما لا نقدر على مواصلة الصوم في حين أن أقراننا يواصلون صومهم. التشكيك في صوم بعضنا، وطلب إخراج اللسان للتأكد من صدقنا في إدعاء الصوم .. وغيرها من الممارسات الصبيانية.

ما من شك أن الكثير من جيل الآباء والأمهات يحمل مثل هذه الذكريات الجميلة عن الشهر الفضيل، وكلما جاء رمضان تداعت الذكريات، ومرت الخواطر كطيف مضيء، وانتابتنا مشاعر الحنين لهذه الأيام.. لكن هل نحن حريصون على أن نغرس في أطفالنا مثل هذه المشاعر وأن نربيهم على هذه الروح؟

قد يتكاسل البعض أو يتغافل عن توجيه أطفاله للعبادة، بحجة أن الطفولة ليست مرحلة تكليف، وهو إن كان بعضهم محقا في هذا إلا أنها مرحلة إعداد وتدريب وتعويد، حتى إذا وصل إلى مرحلة التكليف لم تكن عليه مشقة في الالتزام بالعبادات المفروضة.

تربويات الصوم:
عبادة الصوم تغرس في الطفل الكثير من المعاني والقيم التي قد لا يمكن للوالدين بناء الأطفال عليها إلا من خلال حثهم على هذه العبادة، فالصوم يبني في الطفل قوة الإرادة، من خلال البعد عن الطعام والشراب، و يعوده على الصبر والجلد، ومراقبة الله في السر، ويربي فيه الضمير، ويبني بداخله الوازع، يقول الأستاذ مصطفى السباعي رحمه الله: "ومن أسرار الصيام النفسية تربية الضمير، فليس على الصائم رقيب إلا الله، فيعتاد الأمان بعد ذلك في كل أمور الحياة، وهذا من شأنه يورث خشية الله، وينمي ملكة المراقبة، ويوقظ الضمير، ومن ثم اعتبره القرآن الكريم سبيلاً إلى تقوى الله، ومن ثم يخجل من الكذب والغش والإيذاء والعدوان على الناس في أعراضهم وأموالهم"(1)

الصحابة يغرسون حب الصوم في قلوب أطفالهم:
لذلك فقد حرص الصحابة رضوان الله عليهم على تعويد أطفالهم على عبادة الصوم منذ الصغر، فعنون البخاري في صحيحه - باب صوم الصبيان - و أورد حديث عمر رضي الله عنه، عندما أتى إليه رجل سكر في رمضان، فقال له: ويلك وصبياننا صيام فضربه. قال الحافظ ابن حجر معلقا على الحديث : "قوله: (باب صوم الصبيان) أي: هل يشرع أم لا؟ والجمهور على أنه لا يجب على من دون البلوغ، واستحب جماعة من السلف منهم ابن سيرين والزهري وقال به الشافعي أنهم يؤمرون به للتمرين عليه إذا أطاقوه، وحده أصحابه بالسبع والعشر كالصلاة، وحده إسحاق باثنتي عشرة سنة، وأحمد في رواية بعشر سنين، وقال الأوزاعي: إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعا لا يضعف فيهن حمل على الصوم، والأول قول الجمهور، والمشهور عن المالكية أنه لا يشرع في حق الصبيان، ولقد تلطف المصنف في التعقب عليهم بإيراد أثر عمر في صدر الترجمة؛ لأن أقصى ما يعتمدونه في معارضة الأحاديث دعوى عمل أهل المدينة على خلافها، ولا عمل يستند إليه أقوى من العمل في عهد عمر مع شدة تحريه و وفور الصحابة في زمانه، وقد قال للذي أفطر في رمضان موبخا له: "كيف تفطر وصبياننا صيام؟" ، وأغرب ابن الماجشون من المالكية فقال: إذا أطاق الصبيان الصيام ألزموه، فإن أفطروا لغير عذر فعليهم القضاء"(2).
وقد بلغ اهتمام الصحابة بصيام أطفالهم: أنهم يحرصون على تهيئة اللعب لأطفالهم حال صومهم ليتسلوا بها فلا يشعروا بطول النهار:
أخرج البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائما فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار".
قال الحافظ ابن حجر معلقا: "وفي الحديث حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام كما تقدم؛ لأن من كان في مثل السن الذي ذكر في هذا الحديث فهو غير مكلف، وإنما صنع لهم ذلك للتمرين"(3)

نصائح تساعد الأطفال على الصوم:
1- من الضروري للوالدين مع قدوم شهر رمضان أن يحاول إقامة في المنزل أجواء احتفالية ولا بأس من تعليق بعض الزينات والزخارف في المنزل، ودعوة الأطفال للمشاركة في هذا العمل حتى يستشعروا أهمية هذا الشهر الفضيل.
2- أن يحرص الوالدان على حكاية قصص للأطفال عن شهر الصيام، وانتصارات المسلمين في هذا الشهر، وعن بركات والخير الذي يعم البلاد في هذا الشهر، مع التركيز على ربط هذه القصص والحكايات بشهر رمضان.
3- تعليم الأبناء بشكل ميسر ـ بما يناسب مراحلهم العمرية ـ الأحكام الفقهية المتعلقة بالصوم.
4- اعقد منافسة بين أطفالك وبعضهم، وبين أطفالك وأصدقائهم للصوم مع تقديم هدية لمن يصوم أكبر عدد من الأيام.
5- اصطحاب الأطفال خلال صلاة التراويح وذهابك للصلاة في المسجد.
6- كما نصطحبهم أثناء الذهاب لتقديم زكاة الفطر للفقراء، مع الحرص على حث الأطفال للتصدق على الفقراء، وإعطائهم الأموال والطلب منهم توصيلها لأحد الفقراء، مع توضيح ثواب الصدقة في هذا الشهر وتوضيح كيف يعني الفقراء من الجوع والعطش مثلما نشعر به أثناء الصوم.
7- محاولة شغل أوقاتهم بالألعاب ليتسلوا بها خلال نهار رمضان، فلا يشعروا بالجوع، كما جاء في حديث الربيع.
8- في حال عدم قدرة الطفل على مواصلة الصيام، اسمح له بالفطر مع تشجيعه في اليوم التالي على الصوم مدة أطول من اليوم الذي قبله؛ حتى يتمكن في النهاية من صيام يوم كامل.
9- أثناء الإفطار احرص على أن تجمع أهل بيتك جميعا خاصة الأطفال، وأن تجلس فتدعو الله وهم يؤمنون، فقد روى الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا أبو محمد المليكي عن عمرو، هو ابن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده عبد الله ابن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة" فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا"(4).
10- احرص على أن تقرأ القرآن معه، وضاعف جرعة حفظه للقرآن مع رصد الجوائز له في حال التزم بحفظ الورد اليومي.
11- احرص على دعوة الصائمين ليفطروا في بيتك، واجعل أطفالك يجلسون معكم أثناء تناول الإفطار.
12- أخر السحور إلى وقت آخر الوقت ولا تلزم أطفالك بالاستيقاظ مبكرا، خاصة ونحن في أجازة من الدراسة.
13- خلال النهار وقبل الإفطار احرص على عدم رؤيته للطعام، خاصة الأنواع التي يحبها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:
(1)انظر كتاب : أحكام الصيام وفلسفته في ضوء الكتاب والسنة - للأستاذ مصطفى السباعي.
(2) انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 5/103
(3) المصدر السابق 5/104
(4) رواه الطيالسي في مسنده برقم 2362، و البيهقي في شعب الإيمان برقم 3739‏، وضعفه الألباني.

منقوووول