مابين مصطلح الوهابية وعبس

شهد هذا الأسبوع حدثا مهما تمثل بإقالة الكاتب

عبدالرحمن الراشد من إدارة قناة العربية بعد إيقافه ككاتب وصاحب عمود يومي

في صحيفة الشرق الأوسط على خلفية كما تم تداوله

بث القناة لبرنامج "الإسلام والغرب" يوم الخميس 23 رمضان الساعة العاشرة والنصف بتوقيت مكة المكرمة، حيث تم التطرق فيه لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما هي التسمية في المناهج الرسمية، وعلاقته مع محمد آل سعود، فوصف دعوة الشيخ بـ "الوهابية" وهو الإسم الشائع لها خارج السعودية.

وقال أحد ضيوف البرنامج أن الغرب وصم الاسلام بالارهاب والتطرف والعنف بسبب الوهابيين، وأضاف أن السعودية هي السبب في نشر ذلك، بينما قبل ذلك بقليل كتب الأمير سلمان مقالاً في جريدة "الحياة" يحذر فيه من الانسياق والوقوع في فخ من ينادي بمصطلح "الوهابية".

هذا مختصر سبب تلك الإقالة . ولعلي هنا أعرج بان مصطلح الوهابية أطلق على دعوة الشيخ محمد

بن عبدالوهاب رحمه الله بعد تحالفه مع الإمام محمد بن سعود على إقامة

دولة على منهج من الكتاب والسنة عام 1157هـ ففي ذلك الزمن انتشرت

البدع والخرافات والشركيات من عبادة الأوثان والتوكل والإستعاذة والإستعانة

بغير الله فكانت تكل الدعوة ماهي إلا تجديد لما كان عليه السلف الصالح

سلفية الفكر والمنهج من غير غلو أو تطرف فروج المعارضين لتلك الدعوة

سياسيا ودينياإجتماعيا ضدها والتحذير منها ومحاولة مقاطعتها ونعتها بالوهابية

وبأنها دين جديد على الرغم أن حقيقتها ماهي إلا دعوة

سلفية ترفض ذلك المسمى ( الوهابية ) وهي لم تخرج من دائرة الإسلام

ومذهب أهل السنة والجماعة وهذه الحقيقة التي لايريدها أعداء الإسلام .

ولعل تحذير سمو الامير سلمان بن عبدالعزيز له دلالات وهو عدم ترسخ

ذلك المفهوم المغلوط عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التي إنطلقت

منها الدولة السعودية الاولى والثانية وحتى العهد الميمون في أذهان من لايعلم

حقيقة تلك التسمية التي لانقر بها ولايقر بها الشعب المسلم فمحمد بن

عبدالوهاب رحمه الله ماهوإلا رجل مجدد ولم يكن يوما ذا فكر أو حركة

سياسية . ولعل ذلك البرنامج هو ما ألقى بضلاله على الراشد أحد أبرز

الكتاب الليبراليين العرب كيف لا وقناة العربية سعودية الملكية !

وربما نجد أنه على مستوىالعالم الإسلامي والعربي من يروج لهذا المصطلح أي الوهابية

لأغراض سياسية . ولعلي هنا اتوقف على مثال آخر مشابه ولكن من منظور

سياسي وإجتماعي وربما الدين ليس محورا أساسيا فيه .

فقبيلة عبس العريقة نسبا ومجدا وذات الشهرة والمكانة وتميزها على بطون غطفان

بشكل عام ومن خلال تاريخها وحربها الأشهر المتمثلة بحرب داحس والغبراء

والتي حملت تحالف قبلي ضدها بعد نقضها الميثاق المبرم بينها وبين ابناء عمومتها

من ذبيان كانت أول الأبواب المفتوحة لمقاطعتها . ولعل شأن عبس ومكانتها وصل

ذورته على مستوى الدول في عهد الدولة الأموية بعكس ماحدث لها بعد سقوط

دولة الأمويين ووصول بني العباس للسلطة ويفسر ماحدث لها بعد ذلك من مقاطعة

تاريخية سياسيا وإجتماعيا وصلت ذروتها في القرن الثامن ( 700هـ ) كما تحدث

بذلك صبري أيوب باشا أحد قادة الأتراك في الحجاز واصفا أحوالها بالمتدهورة

وعلاقاتها على مستوى الدول والقبائل بالمقاطعة وصل الأمر لطمس إسمها

وإستبداله بإسم آخر للإحتقار وطمس الهوية على الأمد البعيد اي منذ عام

700هـ . ولعل نقطة الإلتقاء بين دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب وقبيلة عبس

محاولة التدليس السياسي والإجتماعي بقلب الحقائق وتجريد الواقع من محتواه

وربما كان الفارق بين الدعوة والقبيلة هو أن الدعوة عانت كثيرا حتى ملكت

قوة سياسية تمثلت بدولة قادرة على تصحيح المفاهيم الخاطئة ومحاربة من يحاربها

لوجود القوة . بينما عبس وقعت صريعة للضعف المتزايد فلم يعد هناك من هو قادر

على أقل تقدير ان يعيد اسمها المطموس تحت مسميات قائمة على الاحتقار

والتهميش الاجتماعي و رمي ذلك الكم من التاريخ العريق تحت طائل غادرة

ولم يبق منها أحد كرد غير واقعي و جواب أقبح من ذنب ولغز محير

يحتاج إلى من يوقض خلاله الحقيقة المغيبة بالقوة .

فما بين مصطلح الوهابية ومابين عبس مسميات كاذبة وحقائق مغيبة غيرت الأسماء عن حقيقتها

بقيت هناك من يناصرها في الأولىوللأسف التهميش في الثانية

فسبحان الذي جل جلاله وتقدست أسمائه وصفاته

أخوكم موسى محمد بن نقاء