إظهار / إخفاء الإعلانات 
عدد الضغطات : 0
إظهار / إخفاء الإعلانات 
عدد الضغطات : 0 عدد الضغطات : 2,465 عدد الضغطات : 2,637


◄ منتدى وطـني ► يستعرض تاريخ المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين والتنديد بالفكر الضال

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-May-2008, 08:15 AM   #1

مهتم بعلم الأنساب


الصورة الرمزية موسى محمد بن نقاء
موسى محمد بن نقاء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Apr 2008
 أخر زيارة : 26-May-2022 (02:10 PM)
 المشاركات : 2,564 [ + ]
 التقييم :  15
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي لمحة تاريخية عن منجزات المملكة العربية السعودية ونهجها السياسي القويم



مـقـدمــــة:
إن الحمد لله، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبعد:
فإن الحكم في الإسلام أمانة حمّلها الله تعالى عباده للاختبار، ووسيلة عظيمة يقصد بها عبادة الله وحده، وخدمة البشرية، وإقرار الأمن والسلام، وتحقيق العدل والسعادة، وتعميم الخير والرخاء.
وهذه النوعية نراها متحققة تماماً في المملكة العربية السعودية، إنها منذ النشأة الأولى اتجهت إلى خدمة الدين وخدمة الشعب، والتزمت بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله e، ولم تبال بعد ذلك بشيء إلا بما يساعد في تحقيق الاتجاه المذكور، وقد أنعم الله تعالى عليها بأن أغناها بفضله، وكتب لها ولرجالها القبول والعزة والكرامة، ولذلك نراها تمضي قدماً في سبيل التمسك والالتزام بالشريعة، وفي تحقيق العدل والسلام للشعب وللمسلمين في العالم، ثم إنها إذ تتجه هذا الاتجاه تجعل نفسها في موقف الاعتزاز والاعتماد لا موقف الاعتذار والارتياب، وهكذا إنها تجسد ما حكاه القرآن عن العباد الصالحين المنصورين ، فقال:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ } [الحـــــج 41].
تمتاز أغلبية الدول بالعناية بشعبها والعمل لخيره وصلاحه، ولكن القليل منها يمتد تفكيرها إلى الأخوة المسلمين في العالم الذين يحتاجون إلى مساعدة إخوانهم في الدين، وينتظرون من أصحاب الرأفة والحمية أن يقفوا معهم تمسكاً بقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [الحجرات: 10].
إن المملكة المحروسة وفقت من الله تعالى للوقوف إلى جانب المسلمين في العالم، فضربت أمثلة رائعة للدعم والتعاون وللمواساة والإيثار للأمة الإسلامية التي تنتشر في أرجاء الأرض، وكذلك للمساهمة في أعمال الخير وتنشيط الحركة التعليمية والحضارية حتى زادت مآثرها على الحصر، ولذلك نرى أن العلماء وضعوا لتسجيل ذلك كتباً موسعة ووثائق مفصلة، ولا تزال هذه الإشادة وهذا التنويه في طريقهما إلى الوجود.
وهذا المقال بمثابة قطرة صغيرة من ذلك النمير الفياض والبحر الواسع ، حاولت به أن أنوه بما حققته المملكة المحروسة في مجال التعليم والدعوة في الهند، وهو يحتوي على جزأين: الأول خاص بالتعليم، والثاني خاص بالدعوة إلى الله تعالى.
أما المصادر التي اعتمدت عليها في هذا المقال فمعظمها باللغة الأردية، وهي عبارة عن الجرائد والمجلات وبعض المؤلفات.



اهتمام المملكة بالمسلمين في العالم:
إن الدول كثيرة، ولديها دعاوي عريضة بصدد تحقيق مصالح البشر، ولكن الواقع لا يصدق هذه الدعاوي، والشعوب لا تزال تعاني أنواعاً من البؤس والحرمان والفقر والمرض والظلم والاضطهاد.
وتمتاز الدولة السعودية بين هذه الدول بسمو في التفكير وجدية في العمل وشمول في الأهداف، فتفكيرها ليس قاصراً على بلدها وشعبها، بل يمتد إلى المسلمين في العالم وإلى الكتلة البشرية المنتشرة في أقطار الأرض كلها، وهذا السمو في التفكير أصيل في الدولة السعودية، وأمثلته كثيرة في تاريخها المجيد قبل تأسيس المملكة وبعده.
وإني أورد هنا بعض الأمثلة من عصر الملك عبدالعزيز –رحمه الله– ومن بعده ، قال الملك عبدالعزيز في خطبة له ألقاها في جدة:
" إن علينا للدول الأجنبية المحترمة حقوقاً، ولنا عليها حقوق، لهم أن نفي بجميع ما يكون بيننا وبينهم من العهود { إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} ، وأما حقوقنا على الدول ففيما يتعلق بهذه الديار نطلب منهم أن يسهلوا السبل إلى هذه الديار المقدسة للحجاج والزوار والتجار والوافدين، ثم إن لنا عليهم حقاً فوق هذا كله، وهو أهم شيء يهمنا مراعاته، وذلك أن لنا في الديار النائية والقصية إخواناً من المسلمين ومن العرب، نطلب مراعاتهم وحفظ حقوقهم، فإن المسلم أخو المسلم، يحنو عليه كما يحنو على نفسه في أي مكان كان، وإني أؤكد لكم أن المسلمين عموماً والعرب خصوصاً كالأرض الطيبة كلما نزل عليها المطر أنبتت نباتاً حسناً، وإن المطر الذي نطلبه هو الأفعال الجميلة من الحكومات التي لها علاقة بالبلاد التي يسكنها إخواننا من العرب والمسلمين، وإن الأرض الطيبة هم المسلمون عامة، والعرب خاصة، ولي الأمل في أن الحكومات المحترمة ذات العلاقة بالبلاد الإسلامية والعربية لا تدخر وسعاً في أداء ما للعرب والمسلمين من الحقوق المشروعة في بلادهم" ([1]).
هذا الكلام ليس بحاجة إلى شرح وتعليق، إنه تجسيد لمبدأ الأخوة الإسلامية، وتعبير عن التزامات المملكة نحو المسلمين في العالم، ونموذج حي للنصح والإيثار، فالملك عبدالعزيز لا يفكر في بلده وشعبه فحسب، بل يحرص على حماية حقوق المسلمين الذين يسكنون في بقعة من بقاع الأرض، وإنه يرى لهم حقاً على نفسه وعلى حكومته، ويطالب الدول الأخرى بإحسان المعاملة مع المسلمين وبالحفاظ على حقوقهم المشروعة، وهذا الموقف المشرف كان من مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز، وإنه قد ربى أولاده وأنجاله على هذه الروح وعلى هذا الفكر السامي، إنهم يفضلون خدمة المسلمين ودعمهم على أي عمل آخر، وهذا هو سر تحببهم إلى الناس وانطلاق الألسنة بالدعاء بالخير للأسرة السعودية المالكة.
فهذا هو خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يفتتح المجمع لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، فيذكر إخوانه المسلمين في العالم، ويصرح بأن المملكة ملتزمة تماماً نحو المسلمين في العالم، والمسؤولون عنها يحلو لهم أن يعيش إخوانهم في الدين في كل مكــــان عيشة راضــــية كريمة، يقــول خادم الحرمين الشريفين بمناسبة افتتاح المجمع لطباعة المصحف الشريف:
"والمملكة العربية السعودية معروفة –والحمد لله –أنها بلد قيادي بالنسبة لخدمة الإسلام والمسلمين، وأنا ما أقول هذا الكلام لأني مسؤول من المملكة، ولكن هذه طبيعتها، وهذا تكوينها، وهي مهبط الوحي ومنطق الرسالة، إذن علينا واجبات كبيرة كسعوديين، وعلى جميع المواطنين السعوديين واجبات كبيرة بالنسبة لإخوانهم المسلمين، وعلى هذا الأساس يجب أن نكيف أنفسنا على أن نكون دعاة صالحين ومثالاً لإخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها"([2]).
وإلى هذا الموقف العظيم يشير الدكتور محمد عبدالقادر هنادي ، فيقول:
"ليست هناك دولة في العالم الإسلامي وقفت إلى جانب قضايا المسلمين نصرة ومساعدة ومؤازرة كهذه الدولة المسلمة، والأمثلة الحية شاهدة وناطقة؛ فأفغانستان عندما غزاها الشيوعيون ظل المسلمون في الدولة السعودية ثلاثة عشر عاماً حكاماً ومحكومين ورعاة ورعية وأمراء ومأمورين يعيشون هذه القضية، فمن على المنابر ترتفع الأصوات لجمع التبرعات، ومن مراكز الإمارات تنطلق الدعوات للمساهمات المالية والعينية .
وهذه محنة المسلمين في البوسنة والهرسك هي الأخرى شاهد حي على وقوف هذه الدولة المسلمة قيادةً وشعباً إلى جانب إخوانهم الذين ابتلوا بهذه المناسبة الأليمة القاسية.
ثم لا ننسى كذلك دعم هذه الدولة المسلمة للأقليات الإسلامية في العالم بإنشاء المراكز والمساجد وتقديم المعونات المالية والسياسية لها والدعوة إلى عقد المؤتمرات للنظر في المشكلات التي تواجهها وطرح الحلول المناسبة لها"([3]).
وعلى هذه المآثر يلقي الضوء مصدر حديث صدر من الجامعة السلفية أثناء أزمة الخليج ، فيقول:
"مآثر المملكة السعودية:
قامت المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً بخدمات عظيمة للإسلام والمسلمين في العالم كله، وشجعت المسلمين في كل مكان على الاعتزاز بالإسلام وعلى الاستمرار في التمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه e ، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
1- دعمت المملكة المحروسة الجهاد الإسلامي في أفغانستان، وقدمت للمجاهدين الأفغان ما يحتاجون إليه من الدعم المعنوي والمادي، وهذا الموقف المشرف قد نفخ روح الجهاد في الشباب السعودي، فتدربوا على القتال، وانضموا إلى معسكر المجاهدين يقاتلون في سبيل الإسلام، ويقامون القوات السوفيتية التي احتلت دولة الأفغان المسلمين.
2- وهكذا وقفت المملكة المحروسة بجانب الأقليات المسلمة في العالم كله، وتبنت قضاياها على الصعيد المحلي والعالمي، ودعمت مواقفها على أساس الأخوة الإسلامية، وقدمت لها المساعدات المعنوية والمادية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والتعليمية والسياسية، وقد لمس آثار هذا الدعم الكبير كل من له صلة بهذه الأقليات في الدول الآسيوية والإفريقية والأوروبية والأمريكية.
3- ثم إن المملكة قد اهتمت اهتماماً بالغاً بنشر الدعوة الإسلامية في العالم وبنشر العقيدة الصحيحة ومقاومة الشرك والبدع، فأرسلت الدعاة والمبعوثين إلى أقطار العالم، وشجعت المسلمين على بناء المساجد والمدارس، وقدمت المنح الدراسية للطلاب الراغبين في تلقي الدراسة الدينية وعلوم الكتاب والسنة.
4- إن الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، ومن أهميته أنه يتضمن الناحية المالية والبدنية من العبادة، وحيث إن مناسك الحج تؤدى في مكة المكرمة التي فيها قبلة المسلمين والكعبة المشرفة، فإن المسلمين جميعاً تهوى إليها أفئدتهم وتتشوق لها نفوسهم.
والمملكة المحروسة قامت بدور عظيم مشرف في تنظيم شؤون الحج وتوفير وسائل الراحة والطمأنينة والأمن والسلام، وتوسيع الحرمين الشريفين على أحدث الطراز، وتقديم جميع ما يحتاج إليه ضيوف الرحمن من المساكن والبيوت والمآكل والمشارب، والمطلعون على أحوال الحرمين الشريفين والأوضاع الأمنية في الأراضي المقدسة يعترفون بأن حجاج بيت الله الحرام لم يتمتعوا في عصر من العصور بعد القرون الأولى بنعمة الأمن والسلام في بلاد الحرمين الشريفين مثل ما تمتعوا بهما منذ زمن الملك عبدالعزيز –رحمه الله تعالى–إلى الآن، وكثيراً ما سمعنا أن الأوضاع الأمنية في العصر السابق على العصر السعودي كانت متدهورة جداً ، حتى أن العودة من الحج سالماً كانت تُعَدُّ حياة جديدة للحجاج.

موقف الحكومة السعودية من قضية فلسطين:
حدثت مأساة فلسطين قبل نحو نصف قرن، وقد هزت مشاعر المسلمين في العالم كله، وإنهم بذلوا كل ما يملكون في سبيل حل هذه القضية، ولكن المشكلة ما زالت قائمة، وبقي الفلسطينيون يعيشون لاجئين، وينتظرون ذلك اليوم السعيد الذي يعودون فيه إلى أوطانهم وديارهم، ولكن لم يتحقق هذا الحلم إلى الآن، ولا يعرف أحد متى يتحقق، والمملكة المحروسة قد وقفت موقفاً كريماً من هذه القضية، وخدمت القضية بعيدة عن كل مكسب سياسي واقتصادي، ولم تقبل أي تنازل بهذا الصدد، بل عدت القضية إسلامية محضة، وليست قضية عربية أو قومية.

العناية بإعداد العلماء والدعاة:
ومن مآثر المملكة المحروسة أنها ربطت بين جهودها في مجال الدعوة والإرشاد وبين جهودها في مجال التربية والتعليم إدراكا منها بأن الدعوة لن تستمر ولن تؤثر إلا إذا وجد لها رجال أكفاء مخلصون، ومن هنا صرف المسؤولون عنايتهم إلى المدارس والجامعات الإسلامية التي تشبه المصانع للعلماء والدعاة، وأنشأت المملكة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي تحتضن بين كلياتها العديدة طلاباً أكثر من مائة جنسية، وكذلك تقدم جامعات المملكة الأخرى منحاً دراسية لطلاب غير سعوديين، ولا شك أن هؤلاء الطلاب حينما يعودون بعد التخرج إلى أوطانهم سيؤدون عملاً ملموساً في تنشيط الدعوة الإسلامية ورفع مستوى العمل الإسلامي، والذين يلتحقون منهم بالدراسات العليا ينفعون الإسلام والمسلمين ببحوثهم ودراساتهم التي يقومون بها في هذه الجامعات"([4]).

مجتمع الهند:
هذا المجتمع لم يكن بدعاً بين المجتمعات الأخرى، كان تأثير الحضارة الغربية المادية قوياً في الناس، ولذا كانوا منصرفين عن الهداية الربانية إلى اتباع الأهواء وإشباع الرغبات وإرضاء النـزعات، ثم إن الجهل بأحكام الدين قد منعهم من التمييز بين التوحيد والشرك وبين السنة والبدعة، وضعف الإيمان بالله قد جرهم إلى دعاء الموتى والاستغاثة بالأولياء والصلحاء وشد الرحال إلى القبور والتبرك بها والدعاء عندها وغير ذلك من الأعمال التي كانت متفشية في المجتمع حينذاك.
كان هذا هو حال المسلمين، أما غير المسلمين فحدث ولا حرج، إن الوثنية كانت دين الأغلبية، والمجتمع كان منقسماً في طبقات أربع، فلذا لم يعرف فيه معنى العدل والمساواة، والشعب الذي يؤمن بالوثنية ويعبد الحيوان والأشجار والأحجار ويضع المال فوق كل شيء كيف يتوقع منه أنه يعرف حقوق الله تعالى، ويخضع لأحكام شريعته ؟.
نزل المسلمون في البلاد منذ قرون، وبذلوا الجهود في مجال التعليم والدعوة إلى الله، وظهرت آثارها دون شك، ولكن الأوضاع كانت تتطلب أكثر من ذلك، كانت أرض الهند مترامية الأطراف، والشعب كان منتشراً في جميع الأرجاء، وجنود الشيطان كانوا مسيطرين على النفوس، يزينون للناس أعمال الشرك والطغيان، ويجرونهم إلى التمرد والعصيان، وضعفهم هذا في مجال العقيدة والعمل هو الذي جعلهم لقمة سائغة للحضارة الغربية الملحدة، وقد زاد الطين بلة أن المجتمع خلا من الدعوة المنتظمة إلى الله تعالى، وترك الناس التناصح فيما بينهم، ولذا تأصلت جذور الشرك والبدع، وقوي اتجاه التمرد والعصيان، ومني المجتمع بالأنانية والتخاذل([5]).

عناية المملكة بمسلمي الهند:
علاقة المسلمين في العالم بأرض الحرمين الشريفين قديمة وقوية، وكذا حال علاقة مسلمي الهند بهذه الأرض، والدول المسلمة في العالم كانت تنظر إلى مسلمي الهند بنظر الاعتبار، ومنذ أن آل حكم الحجاز إلى الملك عبدالعزيز جعل يهتم بهم، وبخاصة من تمسك منهم بعقيدة التوحيد واتباع السنة، ولذلك نرى أنه يوجه الرسائل إلى جماعة أهل الحديث ، ويمدحهم على الاعتصام بالكتاب والسنة والعناية بالتوحيد والرد على الشرك والبدع.
وقويت هذه العلاقة وتطورت حينما استقرت الدولة السعودية في نجد والحجاز، واستتب الأمن، وعم الرخاء، وحصل التآلف والتعاون، والنهضة التعليمية التي أرسى دعائمها الملك عبدالعزيز –رحمه الله– أثمرت في عهده وفيما تلاه من الزمن، وأثناء هذه النهضة التعليمية سنحت فرصة الاستفادة منها أمام مسلمي الهند، فقدمت المنح الدراسية لطلاب الهند، وتكررت الزيارات واللقاءات بين العلماء والمشايخ، وكذلك تم تعيين المدرسين والدعاة في المناطق التي تحتاج إليهم([6]).
وهذه النقاط المهمة سوف يأتي الكلام عنها في موضعه من هذا المقال، ونود هنا الإشارة إلى الجهود التي بذلها العلماء في سبيل إنشاء المدارس والمعاهد التعليمية التي اهتمت بالتعليم الإسلامي.

عناية المملكة بالتعليم الإسلامي:
في عصر الاستعمار الإنجليزي واجه المسلمون في الهند مشكلة عويصة في مجال التعليم؛ لأن الحكومة وضعت للتعليم منهجاً دراسياً ونظاماً خاصاً يخدمان المصالح الاستعمارية، ويقضيان على كل ما يعارض هذه المصالح، ويصوغان تفكيراً موالياً للإنجليز، وهذا النظام الدراسي لم يكن محققاً أهداف المسلمين الدينية، ولذا اضطروا إلى تنظيم دراسة دينية مستقلة عن النظام الحكومي، ومن هنا دخلت الازدواجية في التعليم، وبدأ نظامان دراسيان يسيران جنباً إلى جنب، ولكن يصعب الجمع بينهما؛ فالذي يختار الدراسة الحكومية يحرم العلم الشرعي، ولو تأهل للوظائف الحكومية، والذي يختار الدراسة الدينية يحرم العلوم الطبيعية والطب والهندسة وما إلى ذلك، خشي المسلمون على العلوم الشرعية، فحافظوا على الازدواجية في التعليم في عصر الإنجليز، واستمر الوضع نفسه بعد الاستقلال أيضاً، ولذا نرى أن المدارس الإسلامية لا تزال نشيطة في تنظيم الدراسة الأهلية مع أنها تواجه صعوبات عديدة في الحفاظ على كيانها؛ فالخريجون لا يقبلون في الوظائف الحكومية، والكتب الدراسية يصعب الحصول عليها، والمدرسون لا يرغبون في التوظف في هذه المدارس ؛ لقلة الرواتب والتسهيلات، والطلبة لا يقبلون على هذا النوع من الدراسة ؛ لأنهم لا يجدون لها حافزاً، ولا يجدون لأنفسهم بعد التخرج مستقبلاً، وفي ضوء هذا الاستعراض الخاطف لوضع التعليم الإسلامي في الهند، تظهر مكانة ما يتلقاه المسلمون من المساعدات المادية والمعنوية.
مبنى المدرسة:
سبقت الإشارة إلى أن نفقات التعليم الإسلامي على المسلمين أنفسهم، والحكومة لا تقدم لهم معونة مالية بهذا الصدد، فأول شيء يتحمله المسلمون في هذا الأمر هو إنشاء مبنى المؤسسة التعليمية بالحجم الذي يريدون، وتغطى نفقات هذا البناء بصفة أساسية بالتبرعات التي تحصل من أهل الخير في الداخل والخارج.
وهنا يأتي دور المملكة المحروسة حكومة وشعباً، فإنها تقدم دعماً كبيراً جداً لإنجاز المشاريع البنائية للمؤسسات التعليمية بالهند، وفي المملكة المحروسة بعض الأفراد والمؤسسات والجهات التي تتحمل نفقات المشروع كلها دون المشاركة.
ويتعذر سرد تفصيلات هذه المعونات البنائية لبعض اللوائح والقوانين، ولكن المباني المشيدة والعمارات الواسعة للمؤسسات التعليمية تتكلم ، فتحكي قصة النفوس السخية والطبائع العالية التي لا تقصر النظر على الأمور المادية، بل تتطلع إلى ما وراء ذلك، وتنظر إلى المستقبل البعيد حيث تنهض الأمة الإسلامية، وتقيم صروح أمجادها من جديد، والبرامج التعليمية التي تجري في هذه المباني الواسعة وتثقف الجيل المسلم الجديد هي في الحقيقة تدل على نجاح مبدأ الأخوة الإسلامية، وتسطر في صفحات التاريخ عبارات خالدة تشهد للمملكة العربية السعودية ولشعبها الكريم الوفي بكل معاني النبل والسمو والجود والكرم وبعد النظر وعلو الهمة، كان الناس متعودين على أن يروا بنايات المدارس الدينية متواضعة لقلة الوسائل المادية ولبطء حركة التمدن، ولكنهم يرون الآن بفضل الله تعالى ثم بمساهمة عباده الصالحين أن التعليم الإسلامي يجري في الهند في بنايات واسعة نظيفة وبين المدرسين والطلاب الذين يسعون للمستقبل المزدهر وللحياة الكريمة وفق المناهج الدراسية الهادفة التي تورث الاطلاع الواسع والنظر العميق في علوم الكتاب والسنة، وبخاصة علم العقيدة والتوحيد، ولا يظنن أحد أن السطور السابقة بالغت في التنويه والثناء؛ لأن البنايات تدل على أكثر مما قلنا، وتشهد بأعظم مما شهدنا، وشهادتها عليها المعول وإن كانت بدون لسان ناطق، ولعل هذا هو أول مرة في تأريخ الهند الإسلامي أن المدارس الإسلامية شهدت هذا التقدم ، والمطلعون على هذه النهضة العمرانية يتمنون أن المدارس لو انتهزت هذه الفرصة، وتمكنت من رفع المستوى الدراسي ومن تحقيق أهداف الدراسة ؛ فإن ذلك هو النجاح الحقيقي، وبه يخلد ذكرى هذه المؤسسات التعليمية التي تنتسب إلى الإسلام وتحمل رايته([7]).
المدرسون:
المدرس يشكل العنصر الأساسي في التعليم، وعليه يتوقف نجاح النظام الدراسي إلى حد كبير، وكفاءته هي التي تحقق الأهداف المرجوة من التعليم، ونظراً إلى هذه الأهمية نرى أن أهل الاختصاص وضعوا شروطاً وآداباً للمتعلمين، وذكروا خصائص وميزات للمعلمين ؛ حتى يتحقق التوافق والانسجام بين الطرفين، وتترتب الآثار المرجوة من التعليم.
والمدرس ذو الكفاءة العالية لا يتيسر للمدارس الإسلامية؛ لأنها لا تستطيع منح الرواتب العالية وتوفير التسهيلات الكافية، فأصحاب المواهب الكبيرة يتوجهون إلى عمل آخر غير التدريس، ولذا نسمع من القائمين على المدارس شكوى قلة المدرسين الأكفاء، والسبب الآخر لهبوط مستوى المدرسين هو أنهم ينخرطون في سلك التدريس دون التدرب عليه، والمدارس لا تبالي بذلك كثيراً؛ لأن التدريب يثقل العبء ، والمدرس المتدرب يطلب أكثر.
ومعنوية هؤلاء المدرسين ارتفعت كثيراً منذ أن شملتهم عناية المولى جل شأنه ، ثم عناية المملكة المحروسة متمثلة في الجهات التي تنشط في مجال التعليم ، مثل الجامعات السعودية، ورابطة العالم الإسلامي، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ومن هنا نلمس التحسن في أحوال المدرسين وفي ممارستهم لنشاطاتهم وفي إقبال الناس على الدراسة الدينية والمدارس الإسلامية، وكذلك نلمس نشاطاً أكثر وأداء أدق في حياة المدرسين الذين يتلقون الدعم والتشجيع من المملكة.
والمدرسون الذين تخرجوا في الجامعات السعودية يؤدون مسؤولية التدريس بكفاءة وإخلاص، وفي الوقت نفسه يقومون بالدعوة والإرشاد، ومجهوداتهم في المجالين تبشر بنتائج طيبة إذا اقترنت بالاستمرار والإخلاص، والمتخرجون في الجامعات السعودية سنعود إليهم في موضوع الدعوة أيضاً؛ لأن أداءهم متميز، ودورهم يمثل النقطة الواصلة بين الهند والعرب في مجال التعليم الإسلامي في العصر الحديث.
الكتب الدراسية:
المناهج الدراسية للمدارس الإسلامية لم تكن تحقق المطلوب من التعليم، وذلك بسبب اختيار الكتب وتركها دون رؤية واضحة.
فلم تكن لهذه المناهج عناية بكتب التفسير والحديث، والطالب بعد دراسة تستغرق مدة نحو (13) سنة أو (15) سنة كان يبقى بعيداً عن معظم أجزاء القرآن؛ فلم يكن يعرفها ترجمة وتفسيراً، وكتب الحديث كان يمر بها مروراً في السنة الدراسية الأخيرة، فإن خمسة أو ستة من كتب الحديث المطولة كانت تقرر في سنة دراسية واحدة، وكان المدرسون يقومون بتدريسها دون دخول في الشرح والتفصيل إلا في الموضوعات الخلافية ودون البسط والتوسع في مسائل السند والمتن، إن القرآن والحديث كانا يتمتعان دون شك باحترام وتقدير بالغين من المسلمين، ولكن العناية بدراستهما وفق منهج السلف الصالح لم تكن متوفرة، وكل ما عرفه الدارسون في مادة التفسير هو تفسير الجلالين وتفسير البيضاوي وتفسير الزمخشري، ولا يخفى أن هذه الكتب ليست كافية في إعطاء فكرة تامة عن التراث العلمي في التفسير، وكذلك كانت الهمم قاصرة في علم الحديث على الأصول الستة على الأكثر.
أما مادة التوحيد والعقيدة فلم يكن يتم فيها إلا تدريس المتن المعروف بالعقائد النسفية وشرحه للتفتازاني، والمعروف أن اتجاه الكتابين ومؤلفيهما ليس اتجاهاً سلفياً، بل إنهما يمثلان مدرسة التأويل في الصفات، ويذهبان مذهب المتكلمين، وهكذا كانت الحال في المقررات الأخرى، وبخاصة في قواعد اللغة العربية والبلاغة والأدب، فالمقررات الدراسية في هذه المواد كانت كتباً قديمة لا تفيد كثيراً في تزويد الطلاب بالمعلومات اللازمة، ولا تقرب لهم الفنون التي يريدون تعلمها، أما حركة طبع الكتب العربية في الهند فكانت بطيئة جداً، إن المطابع كانت تكتفي بطبع المصاحف وبعض الكتب الدراسية على الطريقة القديمة، وإلى الآن تسير على هذه الخطة.
فالكتب الحديثة النافعة لم يكن يعرفها الناس، وكذلك لم تكن الإمكانيات متوفرة لطبعها ونشرها في الهند، وبصيص من النور كان يظهر هنا وهناك في أوقات مختلفة ، مثل مطابع حيدرآباد، ودهلي، وكانفور، ولكنؤ، ولكن الوضع كان يتطلب سد الفراغ من جميع النواحي تلبية حاجات التعليم الإسلامي ؛ لكي تعود إليه معنويته وتأثيره.
وكان قدر الله تعالى متجها إلى أن يسد هذا الفراغ من خارج الهند، ويحرز هذا الشرف – شرف خدمة التعليم الإسلامي– بلد عربي إسلامي فيه مهبط الوحي الإلهي ومصدر الإشعاع الروحي وقبلة المسلمين في العالم، ألا وهو المملكة العربية السعودية، المملكة التي أخذت على عاتقها بعد أن توسعت واستقرت مسؤولية نشر الإسلام الذي جاء به الرسول الكريم e خالصاً نقياً، وتجسيد مبدأ الأخوة الدينية والتضامن الإسلامي الذي يتطلب من كل مسلم أن يحرص على تحقيق الخير والسعادة لأخيه المسلم، وكذا من كل جماعة أن تقف موقف التناصح والتعاون من الجماعات والطبقات الأخرى.
فكر المسؤولون عن الحكم والنظام في هذه البلد الطيب في مساعدة إخوانهم في الهند، فلم يروا طريقة أفضل من المساعدة في سبيل العلم والعقيدة، وفروا للمدارس الهندية كتب التفسير ، مثل تفسير ابن كثير، ومختصره لمحمد بن نسيب الرفاعي، وتفسير فتح القدير للشوكاني، وقد ضمت هذه الكتب إلى كتب المناهج، ولا تزال تدرس في المدارس الإسلامية، وبخاصة المدارس السلفية.
ووفروا كتب الحديث والمصطلح والدراسات الحديثة في علم الحديث التي يحتاج إليها الدارسون والتي تفتح أمام المشتغلين بهذا العلم أبواباً جديدة للنظر والتفكر، وتسهل لهم طريق الاستفادة، وأهم مرجع يذكر هنا هو كتاب الجامع الصحيح للإمام البخاري –رحمه الله– مع شرحه فتح الباري للحافظ ابن حجر ، رحمه الله .
سبقت الإشارة إلى علم العقيدة ونوعية تدريسه في الهند، إن المسلمين الهنود لم يفهموا من العقيدة إلا تلك الكتب التي أعدت على طريقة المتكلمين والفلاسفة، ولم يطلعوا على الكتب التي ألفت لشرح منهج السلف الصالح ، رضي الله عنهم، ولم يحيطوا علماً بالجهود الكبيرة التي بذلها علماء السلف بصدد مقاومة الانحراف عن المنهج المذكور، وبهذا السبب قامت في الأوساط الهندية ضجة كبيرة حينما ألف الإمام الشيخ محمد إسماعيل الدهلوي – رحمه الله – كتابه الشهير بـ (تقوية الإيمان)، إنه شرح مسائل العقيدة في ضوء الكتاب والسنة مستنيراً بتوجيه السلف ومنهجهم، فتألب عليه أعداء الحق، ووجهوا إليه التهم والشتائم، ولم يسكتوا حتى كفروه ، نشأ هذا الموقف الشاذ الكريه بسبب تأثر الناس بالفلسفة الإغريقية وبمنهج المتكلمين الذي فشل صريحاً في الدفاع عن الإسلام في العصر العباسي وبعده.
وصل إلى الهند أولاً كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ، رحمه الله ، ثم توالى وصول الكتب الأخرى مثل فتح المجيد، وتيسير العزيز الحميد، وشرح العقيدة الواسطية، وشرح العقيدة الطحاوية، والكتابان الأخيران مع كتاب التوحيد لا تزال تدرس في المدارس السلفية، والمدارس الأخرى لم تقرر هذه الكتب في المنهج الدراسي، ولكنها ليست بمعزل عن البحوث النافعة والمنهج المستقيم الذي تضمنته هذه الكتب، وإني أرى أن أكبر تحول في المنهج الدراسي في الهند بعد الاتصال مع مشايخ المملكة –حراس التوحيد ودعاة الإسلام– هو ما حدث في مجال العقيدة والتوحيد، فإن الناس قبل ذلك لم يكونوا مطلعين على الكتب المذكورة، ولم يكونوا ملمين بالمباحث الأساسية التي دار النقاش حولها بين أهل السنة وغيرهم.
أما قواعد اللغة العربية والنصوص الأدبية والبلاغة والبيان فكانت تدرس على أساس الكتب القديمة، ومثل هذه الدراسة كانت صعبة مستغلقة على الطلاب الذين كانوا يعيشون في بيئة غير عربية، ويتلقون الدراسة العربية على أيدي أساتذة يدرسون بلغة غير عربية.
تم الاتصال بين الهند والعرب، فوصلت من المملكة العربية السعودية كتب القواعد والبلاغة والأدب، وتكرمت وزارة المعارف السعودية والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بإرسال المقررات الدراسية في المراحل الابتدائية والثانوية، وهذه المقررات قامت بدور ريادي في توجيه المدرسين والطلاب، فنشطوا في تعلم اللغة والأدب، وحققوا نجاحاً ملموساً في مجال الكتابة والتكلم، وخير شاهد على ما نقول هي الصحافة العربية التي نشطت في الهند كثيراً منذ نحو عقدين من الزمن.
منح دراسية:
بدأت النهضة التعليمية في المملكة المحروسة منذ عهد الملك عبدالعزيز ، رحمه الله، فإنه قد أدرك ببصيرته النافذة وذهنه الثاقب أن شعب المملكة –شأن الشعوب الأخرى في العالم– لن ينهض ولن يتقدم إلا بعد التحلي بحلية العلم وبعد السعي المتواصل لمسايرة ركب الحضارة والمدنية، ومن هنا سخر جميع الوسائل واستنفد جميع الطاقات لنشر التعليم في المملكة رجالاً ونساءً، حقاً إن كثيراً من المشاريع التعليمية تم إنجازها بعد وفاة هذا الملك المخلص الأمين، ولكن الذي يعرفه القاصي والداني هو أن الملك المحبب البصير قد بذر بذور هذه المشاريع، ومهد لها السبيل، وشجع عليها المسؤولين، وقد أدت هذه العناية إلى نهضة تعليمية شاملة في مدة قليلة، بنيت المدارس والجامعات، وكثر عليها إقبال البنين والبنات، ولم تمض سنوات إلا ارتفعت نسبة التعليم كثيراً، وبدأت الحركة التعليمية تؤتي ثمارها في جميع فروع العلم العلمية والأدبية([8]).
وبعد تحقق هذه النهضة التعليمية في المملكة اتجهت أنظار المسؤولين إلى إخوانهم المسلمين في العالم، وكان لمسلمي الهند نصيبهم الطيب ؛ فقد استفادوا من المملكة في عديد من المجالات الدراسية والعلمية، ونخص بالذكر هنا المنح الدراسية لأبناء المسلمين بالهند.
سبق أن ذكرنا أن التعليم الإسلامي في الهند يجري بصفة أهلية، وتغطى ميزانيته بالتبرعات التي تجمع من المسلمين في الهند وخارجها.
ولكون الوضع المالي للمسلمين ليس قوياً في أغلب الأحوال لم يستطيعوا تشجيع الطلاب أثناء الدراسة ولا مساعدتهم وتوجيههم بعده، مع أن احتياج الطلاب يكون كبيراً إلى الأمرين.
وشاء الله تعالى الخير لطلاب المدارس الإسلامية في الهند ، فوفق ولاة الأمر في المملكة المحروسة لإنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهذه الجامعة فتحت أبوابها بمصاريعها لخريجي المدارس الإسلامية في شبه القارة الهندية، وكذلك لطلاب الدول الإسلامية وغير الإسلامية في العالم، وبما أن الحديث مقصور على المسلمين بالهند فإننا لا نتطرق إلى دولة أخرى.
إن تخصيص المنح الدراسية في الجامعة الإسلامية وكذا في غيرها من الجامعات السعودية خطوة إيجابية وقرار حكيم ، لا يصل إليه إلا من اتصف ببعد النظر والحرص البالغ على نشر الدعوة وإرادة الخير والفلاح للمسلمين، فإن العالم المعاصر يمتاز بالسباق العلمي، والنشء الإسلامي لا يستطيع تحمل مسؤولياته إلا إذا كان متسلحاً بالعلم، فخير له أن يعطى فرصة التعلم ؛ حتى يتمكن من أداء رسالة الإسلام بالحكمة والبصيرة.
والآثار التي ترتبت على قرار تخصيص المنح للطلاب ليست قليلة أو محدودة، إنه إعداد أمة وبناء جيل وأداء رسالة، والدولة التي تكرمت بهذا العمل الجبار العظيم خلدت مآثرها في صفحات التاريخ ، وأعظمت منتها على المستفيدين.
والطلاب الذين يلتحقون بالجامعات السعودية يجدون بيئة صالحة وجواً ملائماً لإنماء المواهب والقدرات، ويدرسون العقيدة الإسلامية الصحيحة الخالصة، ويشاهدون الأفراد والمؤسسات تحاول أداء ما يجب عليها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبهذه المشاهدة وبهذا التلقي يستعدون لأداء مسؤولياتهم نحو المجتمع ، ولتبليغ ما تعلموه من تعاليم الكتاب والسنة.
ويرجعون إلى بلادهم بعد قضاء مدة غير قصيرة تلقوا فيها التعليم والتربية، فينطلقون في مجال التدريس والدعوة والتأليف، وينشطون في توجيه الناس وإرشادهم إلى أحكام الشريعة، ويسعون لإنقاذ المجتمع من شرور المعاصي ومهالك الشرك والبدع، ولأن دراستهم في الخارج قد أكسبتهم سعة في العلم وخبرة بالنفوس تميز أداؤهم للتوجيه والتدريس بالتأثير، وشد انتباه الناس، ودفعهم إلى الاستجابة.
وناحية معنوية عظيمة أخرى في إتاحة الفرصة للدراسة في الجامعات السعودية هي أن الطلاب أصحاب المواهب العالية والكفاءات الممتازة ينخرطون في سلك الدراسة في هذه الجامعات، فيحققون بالجهد المتواصل نجاحاً ملموساً في الدراسة، ويتفوقون على الزملاء والأقران، وبعد حصول الخبرة في مجال العمل ينخرط هؤلاء الدراسون في سلك وظيفي هناك، ويساهمون في الحركة التعليمية والدعوية بطريقة فعالة ممتازة، وفي الوقت نفسه يقومون بالبحث والتحقيق، ويثرون المكتبة الإسلامية ببحوثهم المبتكرة ومؤلفاتهم القيمة، ولا شك أن الفضل في ذلك يرجع إلى المولى سبحانه وتعالى، ثم إلى المملكة التي سنت هذه السنة الحسنة.

عناية المملكة بالدعوة الإسلامية :

الدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء والرسل –صلوات الله وسلامه عليهم– وفريضة على المسلمين رجالاً ونساء، وعلماء وعامة ، وهي حاجة المجتمع البشري في كل عصر ومصر ، وتتجلى أهميتها في التعبير القرآني البليغ الذي وصف الله تعالى الأمة الإسلامية بالخيرية، وأوضح أنها أخرجت للناس بهدف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال جل شأنه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [ آل عمران: 110].
وقد تمسك المسلمون بهذا التوجيه الرباني العظيم في كل زمان ومكان، فتلقى كل جيل من المسلمين تعاليم الإسلام السامية من الجيل السابق، وبدوره أداه إلى الجيل اللاحق، وهكذا تسلسل أمر الدعوة الحقة، ووصل الإسلام إلى الجيل المعاصر ، والذي يتابع تاريخ الدعوة ويستطلع أخبارها وتطوراتها يعرف أن الدعوة لم يتوقف انتشارها على الجهود الحكومية أو الجماعة، بل الأفراد أيضاً لعبوا في هذا المجال دوراً كبيراً جداً، وبلغوا الناس تعاليم الإسلام سواء كانوا مقيمين أو مسافرين، وهذا هو سر انتشار الإسلام في المناطق التي لم يدخلها المجاهدون قط.
وبجانب هذه الجهود الفردية أولت بعض الحكومات الإسلامية عناية بالغة بنشر الدعوة الإسلامية وحمايتها من المعوقات والمشينات ، وعلى رأس هذه الحكومات المملكة العربية السعودية، فقد تعود منها الناس الخير في جميع أمورهم، وبخاصة أمور الدين والعقيدة والدعوة والإرشاد ، إن هذه الدولة الرشيدة قام رجالها وشعبها بالدعوة إلى الله، وكذلك أنشؤوا هيئات ومنظمات متفرغة لهذه الدعوة ، مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإدارات البحوث العلمية والإفتاء، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ومعهد تدريب الأئمة والدعاة. هذه جهات معروفة مستقلة تقوم بالدعوة إلى الله تعالى باستمرار، ولكن الذي يهمنا الآن هو إلقاء الضوء على الجهود التي تبذلها المملكة المحروسة متمثلة خلال الجهات المذكورة في دولة الهند من شبه القارة([9]).
إن المملكة المحروسة قامت بتعيين عدد كبير من العلماء والدعاة للقيام بالتدريس والدعوة بين المسلمين ولتوعيتهم في أمور دينهم ، وهؤلاء العلماء قد قاموا بإرشاد الناس وتوجيههم إلى أحكام الشريعة الغراء من خلال الخطب التي يلقونها أيام الجمعة وفي الاجتماعات الدعوية العامة ومن خلال الدروس المنتظمة التي يلقونها في المساجد وفي بعض البيوت، وهكذا إنهم يقومون بزيارة الناس ومقابلتهم في بيوتهم ومحلاتهم وأماكن اجتماعهم وقت الراحة والفراغ([10]).
وهذا النشاط الدعوي يقوم به الدعاة الذين تم تعيينهم من المملكة المحروسة لممارسة عمل الدعوة ، وهناك زيارات من العلماء والمشايخ السعوديين الذين ينزلون في الهند بمناسبات مختلفة أو لأسباب شخصية أو للمشاركة في المؤتمرات والندوات، فإنهم خلال هذه الزيارات يقومون بإلقاء الكلمات التوجيهية في الاجتماعات العامة أو الخاصة.
ومشاركة العلماء والمشايخ السعوديين في المؤتمرات والندوات العلمية التي يعقدها المسلمون في الهند بمختلف المناسبات تؤتي ثماراً طيبة، وتؤدي إلى نتائج إيجابية مشجعة، وذلك من خلال الكلمات التي يلقونها في هذه الاجتماعات وتبادل الآراء الذي يجري بين المشاركين في هذه المناسبات.
وهؤلاء العلماء والمشايخ قد توسعوا في إصلاح أحوال المسلمين، واستفادوا من التجربة التي حصلت لهم في مجال الدعوة والإصلاح في المملكة المحروسة، فتكلموا عن الموضوعات المعروفة بالطريقة نفسها، وركزوا على النقاط المهمة، وألموا بنفسيات الشعوب وطبائعها، وعرفوا العلل والأمراض من جذورها، ومن هنا جاءت كلماتهم في المؤتمرات والاجتماعات متسمة بالموضوعية والحكمة ومؤثرة في النفوس وحائزة إعجاب المستمعين ومبددة ظلام الجحود والشكوك، وهذه الميزة لكلمات المشايخ والدعاة من المملكة يلمسها كل من تابع مشاركتهم في المؤتمرات، أو اطلع عليها منشورة في الجرائد والمجلات.
ولكاتب هذه السطور تجربة واضحة في هذا المجال، وذلك حينما تكرمت المملكة المحروسة بإيفاد أستاذين من الأساتذة العرب بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فاستمر وصولهما ست سنوات متوالية، وكانا يقومان بجانب تدريسهما المنتظم في الجامعة السلفية بجولات مستمرة في المدن والقرى المجاورة لمدينة بنارس، وكانوا ينزلون في المساجد، ويلقون فيها الكلمات، والناس كانوا يبدون تقديراً بالغاً واستجابة مثالية نحو هذه الكلمات، وفي ذلك دلالة واضحة على أن جهود علماء المملكة في مجال الدعوة والإصلاح ومجال التدريس والتربية متلقاة بالقبول والتقدير، ولها دورها المتميز الفعال في توعية المسلمين ونشر الدعوة بين صفوف الناس([11]).
وهناك مظهر آخر للنشاط الدعوي ، وهو مع كونه مؤقتاً يمتاز بتأثير كبير ونفع ملموس، ألا وهو الدورات التدريبية التي تنعقد في بعض الجامعات الهندية أيام إجازة الصيف، يحضر هذه الدورات الطلاب المتخرجون حديثاً في المدارس والجامعات الإسلامية.
والعلماء والمشايخ الذين يقومون بالتدريس في هذه الدورات ينتهزون فرصة وجودهم بين إخوانهم في الدين ، فيقومون بإلقاء الكلمات والدروس لغير طلاب الدورة، وتقابل هذه الدروس باحترام واستجابة كما سبق أن ذكرنا عن كلمات العلماء أثناء الزيارات واللقاءات الشخصية والمؤتمرات العلمية.
وهذه النشاط المتنوع في مجال الدعوة قد أسفر عن نتائج مشجعة وفوائد ثابتة، صحيح أن أعمال الشرك والبـــدع واتجاهات الزيغ والضلال ومظاهر التمرد والعصيان لم تختف عن المجتمع تماماً، ولكن الصحيح أيضاً أن جهود المملكة المحروسة قد أحدثت تغيراً كبيراً في الوضع، ووجهت كثيراً من الناس إلى الصراط السوي، وخففت حدة الجمود والعصبية، وجعلت الناس يعترفون بأن منهج السلف الصالح هو الحق، والعودة إلى توجيهات الإسلام فيها الخير والسعادة، وكذلك يعترفون بأن موقف المملكة المحروسة من القضايا المعاصرة هو الموقف السليم، وأن خدمتها للحرمين الشريفين لم يسبق لها نظير، وكذلك لم يسبق نظير للتسهيلات التي توفرت لحجاج بيت الله الحرام وللمعتمرين ، ومثل هذه الشهادة من الذين وقفوا من المملكة المحروسة موقف التنكر والعداء مدة من الزمن تدل على عظم تأثير الخدمات السعودية وعلى نجاح جهودها في مجال الدعوة إلى الله تعالى([12]).
عرفنا فيما سبق كيف أن الدعوة إلى الله نشطت بجهود من العلماء والدعاة، وكيف أن المجتمع تطهر من أعمال الشرك والبدع، وعم فيه الاتجاه إلى الصلاح والتقوى، والآن نود أن نذكر مظهراً آخر من مظاهر عناية المملكة المحروسة بالدعوة الإسلامية، ألا وهو توزيع المصحف الشريف والكتب الإسلامية والجرائد والمجلات الصادرة من المملكة، وهذا الباب واسع جداً، ولذا لا نستطيع أن نستوعب جميع ما يدخل فيه، بل نشير إلى بعض الأمور التي تكبر أهميتها وتعظم فائدتها.
1– المصحف الشريف:
سبق أن أشرنا إلى أن المملكة المحروسة لم يكن اتجاهها قاصراً على أرضها وشعبها، بل إنها فكرت في المسلمين في العالم، ويتجلى هذا التفكير الإسلامي الشامل في أمور كثيرة ، وبخاصة في توفير نسخ المصاحف والكتب الإسلامية للمسلمين في العالم.
ومن هنا كان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز قد تكرم بإصدار أمره السامي بإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وترجمة معانيه وتفسيره بمختلف لغات العالم.
والمجمع في الواقع عبارة عن مدينة طباعية متكاملة متخصصة لطباعة القرآن الكريم وتسجيله ومعانيه المترجمة ، وقد بلغت تكلفته حوالي ألف مليون ريال سعودي، وتصل طاقته الإنتاجية سنوياً إلى سبعة ملايين نسخة من القرآن الكريم بأحجام مختلفة ، ومليوني ترجمة لمعاني القرآن الكريم، وثلاثين ألف مجموعة من أشرطة الكاسيت المسجل عليها القرآن بأصوات مشاهير القراء في العالم الإسلامي" .
ونزولاً عند رغبات المسلمين وتحقيقاً لأمنياتهم صدر الأمر السامي بطبع نسخ القرآن الكريم لمسلمي الهند، وكذلك بطبع ترجمة معانيه إلى اللغة الأردية ، والجدير بالذكر أن المجمع طبع ترجمتين لمعاني القرآن، إحداهما من تأليف الشيخ محمود الحسن من علماء ديوبند ، والثانية من تأليف الشيخ محمد الجونا كدهي من علماء دهلي.
ظهرت في الهند طبعات عديدة للمصحف الشريف، وبعض الناشرين قد حازوا شهرة كبيرة في هذا المجال، ولكن الناس يتفقون على أنهم لم يروا مثل هذه الطباعة الفاخرة للمصحف في الهند، إن الهمة العالية والإخلاص البالغ يؤديان إلى مثل هذه الجودة والإتقان.
أما ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأردية اللغة التي تتفاهم بها أغلبية المسلمين في شبه القارة الهندية فحاجة المسلمين الهنود إليها لم تكن أقل من حاجتهم إلى المصحف الشريف بدون ترجمة، ولذلك نرى أن عديداً من التراجم الأردية تباع في السوق؛ لأن كل فرقة من الفرق المسلمين تفضل الترجمة التي ألفها العالم الذي يعتقد فيه ويعتمد عليه، والأمنية التي كانت تراود هؤلاء المسلمين منذ مدة هي أن يجدوا ترجمة لمعاني القرآن باللغة الأردية بطباعة واضحة جميلة ، وقد حقق الله تعالى هذه الأمنية إذ وفــق خادم الحرمين الشريفين ، فأمر بطباعة ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الأردية وبتوزيعها بين المسلمين في شبه القارة الهندية وبين حجاج بيت الله الحرام الذي يأتـــــون إليه من كل فج عميق ، والمسلمون في شبه القارة لن ينسوا هذا المعروف الجليل للمملكة المحروسة، وإنهم يدعون لخادم الحرمين الشريفين ولكل من تعاون في طباعة هذه الترجمة الأردية بأحسن الجزاء وأعظم الأجر ، وبأن يقر الله عيونهم في الدارين، كما أقروا عيــــون المسلمين في شبه القارة الهندية وفي كل مكان وصلت إليه هذه الترجمة.
2– الكتب الإسلامية:
إن الإعلام المسموع والمرئي هو السائد في هذا العصر، وقلما يتوجه الناس –ومنهم المسلمون– إلى الإعلام المقروء، ثم إنهم حينما يتوجهون إلى الكتب الدينية ويرغبون في مطالعتها يواجهون مشكلة أخرى ليست أقل من السابقة ؛ أي عدم الرغبة في مطالعة الكتب الدينية ، ألا وهي نوعية الكتب الدينية ؛ فكثير من الكتب تجمع الغث والسمين، وتخدع الناس باسم الدين وباسم الأولياء والصالحين ، ونوعية هذه الكتب تتضح تماماً إذا أجرينا مسحاً شاملاً للكتب المعروضة للبيع في السوق ، وحينما نثير موضوع نوعية الكتب أمام الناشرين فإنهم يردون على ذلك بشكوى قلة إقبال القراء وكساد سوق الكتب.
وفي هذه الأزمة الكتابية يبرز دور المملكة المحروسة، فإنها كما وفرت للمسلمين في العالم نسخ المصاحف بالترجمة وبدونها، فكذلك وقفت موقفاً مشرفاً من توزيع الكتب الإسلامية النافعة بمختلف اللغات على العلماء والطلاب وعامة الناس بالهند، وهذا المعروف الجليل فوق جميع المعونات والمساعدات المادية؛ لأنه يقوم بتغذية الروح وتربية العقل وتنشئة الجيل الجديد على الأسس الإسلامية السليمة، ولإبراز محاسن الشريعة الإسلامية وتفوقها على جميع ما عرفه الناس إلى الآن باسم التشريع والقانون . وتقدير هذه الهدية القيمة يتوقف على أن نعرف الكتب الموزعة على المشتغلين بالعلم، إنها كتب قيمة ومصادر أساسية في علوم العقيدة والتفسير والحديث والمصطلح والفقه والتاريخ والسير والتراجم وما إلى ذلك من العلوم والفنون، والحقيقة أن الواجب العلمي يحتم علينا أن نقوم بتعريف هذه الكتب كتاباً كتاباً مع إبراز محتوياته وآثاره في النفوس، ولكن هذا المقال الموجز لا يتحمل ذلك، ونحن نرجو أن تاريخ البناء والتعمير والإصلاح والإحسان سوف يقوم بتسجيل جميع المآثر والمحامد في سجل حسنات المملكة المحروسة، وهو الذي يعطي كل ذي حق حقه، ويعيد الأمور إلى نصابها دون بخس وغمط.

ومن الكتب المهمة النافعة التي وفرتها المملكة المحروسة للمشتغلين بالعلم:
مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، ومؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمهما الله تعالى–وفتح الباري في شرح صحيح البخاري، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذا الجرائد والمجلات الصادرة في المملكة، وفوائد هذه الجرائد كثيرة ومتنوعة :
فأولاً: أنها تفيد من ناحية اللغة والقواعد، وذلك أن طلاب المدارس الإسلامية يحتاجون كثيراً إلى الجرائد والمجلات العربية للاطلاع على الكتابة العربية المعاصرة وعلى الأسلوب الجديد وعلى وجوه التعبير والبيان المؤثرة.
وثانياً: أنها تفيد من ناحية الاطلاع على أحدث البحوث والمؤلفات التي تصدر في مجال العلوم الشرعية، وعلى أهم الدلائل والنظريات التي وصل إليها الباحثون في هذه العلوم.
وثالثاً: أنها تعرض أوضاع المسلمين في العالم، وتقدم التقارير المفصلة عن إنجازاتهم في مختلف المجالات، وعن آمالهم في المستقبل، وعن همومهم وآلامهم التي يعيشونها، وعن الخطط والمشاريع التي يختارونها للتقدم والرقي.
ورابعاً: أنها تتناول شؤون التعليم وما يتعلق بها من النظريات والاختراعات، وتقدم الحلول والمقترحات للمشكلات التي تتجدد في مجال التعليم الإسلامي، وكذلك التعليم العام.
وخامساً: أنها تتناول الشؤون الاقتصادية من وجهة نظر إسلامية، وتبرز سمو التشريع الإسلامي الذي احتوى عليه الكتاب والسنة، وتعرض الفروع والجزئيات التي استنبطها علماء الإسلام من نصوص المصدرين الشرعيين، واستدلوا بها على أن توجيهات الإسلام الاقتصادية كفيلة بتلبية حاجات المجتمع مع الابتعاد عن المعاملات الربوية التي نهى عنها الإسلام.
وسادساً: أنها تكشف عن أهم المستجدات في مجال العلوم والتقنية، وهذا مهم ونافع؛ لأنه يحكي قصة تطور العقل الإنساني، ويشرح مظاهر تسخير الله تعالى ما في السماوات والأرض للإنسان.
وسابعاً: أنها تتناول السياسة الدولية، فتقوم بتحليل القضايا والمشكلات، ومنها ما يتعلق بالعالم الإسلامي أو المسلمين، وتشير إلى ما وراء الأحداث من الأغراض والمطالب للذين يؤثرون في السياسة الدولية.
وهذه الفوائد وأمثالها لم تكن لتتحقق إلا إذا وصلت هذه الجرائد والمجلات إلى علماء اللغة العربية وطلابها في المدارس الإسلامية بالهند ، وقد تيسر ذلك بعظم الخلق وكرم النحيزة وعلو الهمة الذي اتصف به القائمون على الحكم في المملكة العربية السعودية، وبعواطف التناصح والتعاون التي تتوفر في المسؤولين عن شؤون التعليم والدعوة فيها، فإنهم ينشطون في تعميم الخير للناس، ويؤدون المسؤولية بالأمانة والإخلاص([13]).

كلمة الختام:
وإجمالاً للقول أعرض هنا مقتطفات من كلام بعض المؤلفين رأيتها تسلط الضوء على المواقف المشرفة للمملكة العربية السعودية المحروسة:
* " كان ابن سعود دوحة باسقة ممتدة الظلال كثيرة الثمرات، وما من عربي ومسلم إلا نعم بظله وثمره، وأفاد من جهاده وعمله، بل هو الزعيم العربي الوحيد الذي كان وراء كل حركة استقلالية وتحريرية في العالم العربي والإسلامي، يؤثرها على نفسه وشعبه بأطايب جهادهما وثمراتهما" (صقر الجزيرة 1/9).
* " نشأ عبد العزيز آل سعود في شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الماضي ، فوجد قبائل بدوية تسيطر عليها الأحاسيس القبلية، وتعيش في صحارى مجدبة نثرت فيها واحات متباعدة.
جاء عبد العزيز، وهو ابن هذه البيئة البدوية ، فتصور مثلاً وحياة غير المثل والحياة القبلية التي واجهها، فلم يكتف بالتصور، بل نقل تصوره إلى واقع محسوس، فحول مجتمع الجزيرة العربية من قبائل مقتتلة إلى شعب علمه معنى المواطنة والاستقرار وكسب العيش عن غير طريق الغزو والقتل والسلب، وحاول نقله من طور البداوة والرعي والارتحال إلى طور الزراعة والأسرة والاستقرار، وأشاع بينه روح المعرفة وطلب العلم، واهتم بنزع الخرافات والبدع من معتقداته ؛ ليعيده إلى صفاء الإسلام ، فكان هذا العمل الضخم عمل تبديل مفاهيم مجتمع بأسرة ، ونقله من طور شديد التخلف إلى طور جديد أكثر تقدماً وأعلى مستوى في سلم الحضارة البشرية، هو معجزة عبد العزيز الكبرى، وإن لم تكن معجزته الوحيدة ، وكان قيام المملكة العربية السعودية في الظروف التي نشأت فيها أعظم خطوة تقدمية وعميقة عرفتها شبه الجزيرة العربية في السنوات الألف الأخيرة ، وهكذا خلد عبد العزيز على الدهر، ولكنه قبل أن يكتب خلوده شق الطريق ؛ ليخلد الشعب الذي أوجده" (معجزة فوق الرمال ص10).

* " والمملكة وهي تبني هذا المجتمع العظيم والمملكة وهي تنفق الملايين لتوسعة الحرم النبوي الشريف والمملكة وهي تخطط للمشاريع الكثيرة في الأماكن المقدسة والمملكة وهي تقدم خدماتها بكل تفان وأمانة لملايين الحجاج في كل عام والمملكة وهي تسهم في بناء المراكز الإسلامية ودعمها في أفريقيا وآسيا أنحاء العالم كافة والمملكة وهي تقوم بتدريب الدعاة الإسلاميين ؛ ليضطلعوا بهذا الدور الكبير في بلادهم وهي تساند المجاهدين في مواجهة معامل الكفر والإلحاد نقول: إن المملكة تقوم بكل هذا وفاء بالتزاماتها في الداخل والخارج دولة رائدة للإسلام والمسلمين، وتحقيقاً للرسالة الخالدة المنوطة بها في إعلاء كلمة الله –عز وجل– وصون شريعته الغراء، وهي التزامات جسيمة ترقى لمستوى الأمانة وضرورة الحفاظ عليها وأدائها بكل جد ومسؤولية" (أيام خالدة في طيبة الطيبة ص84).
وهذا آخر ما أردنا إيراده في هذا المقام، وصلى الله تعالى على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


الهوامـــش

([1]) الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز (ص 214-215).

([2]) أيام خالدة في طيبة الطيبة (ص22) ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

([3]) جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الدعوة الإسلامية ماضياً وحاضراً، للدكتور محمد عبدالقادر هنادي (ص 124)، المملكة العربية السعودية وهموم الأقليات المسلمة، للدكتور عبدالمحسن بن سعد الداود.

([4]) نظرة إلى مواقف المسلمين من أحداث الخليج (ص 8 وما بعدها) ط. الجامعة السلفية ببنارس عام 1411هـ.

([5]) ترجمة أردية لكتاب "حضارة الهند" للأستاذ غوستاف لوبون باسم: "تمدن هند" وعامة كتب تاريخ الهند.

([6]) مجلة الجامعة السلفية (عدد خاص عن مؤتمر الدعوة والتعليم المنعقد عام 1400هـ، وعددها الخاص بالموسم الثقافي المنعقد عام 1401هـ)، وجريدة العالم الإسلامي، مكة المكرمة (أعداد متفرقة).

([7]) جماعت أهل حديث كي تدريسي خدمات، للأستاذ عزيز الرحمن السلفي (ط. الجامعة السلفية ببنارس، عام 1405هـ).

([8]) ينظر: "جزيرة العرب في القرن العشرين" للأستاذ حافظ وهبة، و "معجزة فوق الرمال"، و"هذه بلادنا" ط. وزارة الإعلام السعودية، و "تاريخ المملكة العربية السعودية في ماضيها وحاضرها" للشيخ صلاح الدين المختار، ط. بيروت.

([9]) جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الدعوة الإسلامية ماضياً وحاضراً للدكتور محمد عبدالقادر هنادي. وآثار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التاريخية والأدبية في شبه الجزيرة العربية وشبه القارة الهندية للدكتور محمد علي هزاع الغامدي. وجريدة العالم الإسلامي، مكة المكرمة (أعداد متفرقة)، ومحمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه للأستاذ مسعود عالم الندوي، ترجمة: الشيخ عبد العليم البستوي ط: 1397م.

([10]) تقارير موجزة عن المدارس الإسلامية في الهند، وجهود المملكة العربية السعودية في خدمة الدعوة، وجريدة العالم الإسلامي، مكة المكرمة (إعداد متفرقة). أخبار محمدي، دهلي (الأردية) (أعداد متفرقة).

([11]) مجلة صوت الجامعة ببنارس 1391هـ. ومجلة الجامعة السلفية ببنارس، عدد خاص عن مؤتمر الدعوة والتعليم، وعدد خاص عن الموسم الثقافي الأول، ولمحة عن الحركة السلفية في الهند ونشاط الجامعة السلفية في بنارس ط2، 1398هـ.

([12]) الهاد إلى سبيــــل الرشاد (بالأردية) للعلامة قاضي سليمان المنصور فوري، طبع لاهور 1924م. وسفر بيت الله (بالأردية) للأستاذ محمد أبو القاسم سيف بنارسي طبع بنارس 1331هـ. وخليجي بحران ابن صحيح تناظر مين (بالأردية) طبع الجامعة السلفية ببنارس 1991م.

([13]) مجلة محدث (الأردية)، بنارس، عدد خاص عن الصحافة سنة 1413هـ. والفهرس العام للمكتبة المركزية بالجامعة السلفية ببنارس.


 

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(عرض الجميع الأعضاء الذين قرأوا الموضوع هم : 1

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حقيقة المملكة العربية السعودية أسير الشوووق ◄ منتدى وطـني ► 10 11-May-2011 10:36 PM
مواقف تاريخية للمملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية علي الفريج ◄ منتدى وطـني ► 4 14-Dec-2010 06:12 PM
أبرز أحداث1430هـ في المملكة العربية السعودية محمد المهيمزيـ ◄ المنتدى العــام ► 14 31-Jan-2010 02:48 AM
وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية خالد المهيمزي ◄ منتدى وطـني ► 5 28-Jul-2009 08:56 PM
صور حكام المملكة العربية السعودية وشعارات المملكة إدارة المنتدى ◄ منتدى وطـني ► 7 04-Jul-2009 09:42 PM


الساعة الآن 01:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Supported By Noc-Host
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010