إذا استيقظ الإنسان من نومه لصلاة الليل استحبّ له أن يذكر الله تعال تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين: بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: (اللهم! رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات الأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)[1].
قال النووي: "يسن لكل من استيقظ في الليل أن يمسح النوم عن وجهه وأن يتسوك وأن ينظر في السماء وأن يقرأ الآيات التي في آخر آل عمران: ﴿إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ﴾ [آل عمران:190] الآيات، ثبت كل ذلك في الصحيحين[2] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"[3].
2. التسوك عند القيام للتهجد:
عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك[4].
قال ابن دقيق العيد: "فيه دليل على استحباب السواك في هذه الحالة وهي القيام من النوم. وعلته أن النوم مقتضى لتغير الفم والسواك هو آلة التنظيف للفم فيسن عند مقتضى التغير"[5].
3. استفتاح القيام بركعتين خفيفتين:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين [6]. قال النووي: "هذا دليل على استحبابه لينشط بهما لما بعدهما"[7].
4. ترك القيام عند النعاس:
عن عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد، حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه)[8].
قال النووي: "وفيه الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس"[9].
5. طول القيام:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصلاة طول القنوت) .
قال النووي: "المراد بالقنوت هنا القيام باتفاق العلماء فيما علمت"[11].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً، فلم يزل قائماً حتى هممتُ بأمر سوء، قلنا: وما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذر النبي صلى الله عليه وسلم)[12].قال ابن حجر: "وفي الحديث دليل على اختيار النبي صلى الله عليه وسلم تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما همَّ بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده"[13].
6. إيقاظ الأهل لصلاة القيام:
عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلةً فقال: (سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)[14].
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلةً فقال: (ألا تصليان؟!)[15]. قال ابن بطال: "في حديث أم سلمة وحديث علي فضل صلاة الليل وإنباه النائمين من الأهل والقرابة"[16].
7. الإكثار من الدعاء والاستغفار:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في الليل لساعةً، لا يوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلةٍ)[17].
8. ترك المشقة على النفس في القيام:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأةٌ فقال: (من هذه؟)، فقلت: امرأةٌ لا تنام، تصلي، قال: (عليكم من العمل ما تطيقون، فوالله، لا يملُّ الله حتى تملوا) [18].
قال القاضي عياض: "ظاهره الإنكار لما تقدم من تكلُّف ما لا يُطاق ويشق من العبادة، وقد جاء المعنى مفسراً في حديث مالك في الموطأ [19]، قال: (فكره ذلك حتى عرفت الكراهة في وجهه)"[20].
9. النوم بعد قيام الليل:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ألفي رسول الله صلى الله عليه وسلم السحر الأعلى في بيتي أو عندي إلا نائماً) [21]. قال القاضي عياض: "تعني ـ والله أعلم ـ قبل الفجر وبعد قيامه، ثم ينام ليستريح من تعب القيام، وينشط لصلاة الصبح، والنوم بعد القيام آخر الليل مستحسن"[22]. ثانيًا: الأسباب التي بها يتيسَّر قيام الليل:
قال الغزالي: "اعلم أن قيام الليل عسير على الخلق إلا على من وفق للقيام بشروطه الميسرة له ظاهراً وباطناً.
فأما الظاهرة: فأربعة أمور:
الأول: أن لا يكثر الأكل فيكثر الشرب فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام.
الثاني: أن لا يتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح، وتضعف بها الأعصاب، فإن ذلك أيضاًمجلبة للنوم.
الثالث: أن لا يترك القيلولة بالنهار.
الرابع: أن لا يحتقب الأوزار بالنهار، فإن ذلك مما يقسي القلب ويحول بينه وبين أسباب الرحمة.
وأما الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول هموم الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل بسماع الآيات والأخبار والآثار.
الرابع: وهو أشرف البواعث الحب لله وقوة الإيمان"[23].