بيع الدخان من تحت الطاوله

بيع الدخان «تحت الطاولة».. قرار المنع أغرى الترويج للممنوعات!



الأسياح ، تقرير ـ سعود المطيري
بعد أن تبنت بعض المجالس البلدية بمنطقة القصيم ومناطق اخرى قرارا يقضي بمنع بيع الدخان داخل المدن والمحافظات، وشهد انقساماً عند بعضها بين الاعضاء انفسهم بين مؤيد ومتحفظ ليحسم في النهاية بالتصويت كما حصل مؤخرا في الأسياح، فإن مثل هذه القرارات لقيت انقساماً من الشارع نفسه بين مؤيد ومعارض، فالمباركون لمثل هذه القرارات ينظرون إليه من زاوية أن توفره وبيعه بالطريقة العشوائية كما يحصل الآن نشر آفة التدخين بين صغار السن؛ الذين لا يدركون مخاطره الحقيقية وفاقم حجم المشكلة، وأن بيعه خارج نطاق المدن والقرى على الطرق السريعة مثلاً أو عند محطات الوقود البعيدة أو خارج حزام المدينة بعيداً عن متناول المراهقين وصغار السن سيحد من المشكلة ويخفض نسبة المدخنين على المدى البعيد(وهذا هو الحل الأمثل متى ما توفرت البيئة السليمة لتطبيقة).
من بائع معروف الى خفي
المنتقدون أوالمعارضون يعتقدون أن القرار لن يؤدي إلى أي نتيجة أكثر من تغيير موقع أونوعية البائع من بائع معروف إلى بائع خفي. وسينتقل البيع إلى سكن العمالة السائبة أو سياراتهم الجائلة وفي المواقع المنزوية والمظلمة والعقلاء يدركون مثل خطورة هذا الامر وما قد يترتب عليه من أمور وانحرافات هي أشد خطرا وضررا من الدخان نفسه عند ما تتحول السيجارة إلى وسيلة اغراء وسلاح ضغط في يد الاجنبي أوالمنحرف على صغار السن لا يجدها المبتلى الا من خلالهم هذا اذا لم يحتفظ البائع السابق ببيعه من خلال مسكنه وبدلا من ان يتناوله من الرف، كما كان سيطلب من ابنك أو ابن جارك ان يأتي إلى مسكنه ربما في ساعة متأخرة من الليل لتسليمه البضاعة وتحديد الثمن الذي يريده.
نعالج مشكلة بانتاج مشكلة
وشكك البعض من تحقيق الاهداف المرجوة من القرار وتخوفهم ألا يتجاوز محاولة سد فجوة ستفتح علينا العديد من الفجوات التي يصعب السيطرة عليها مستقبلا. ندرك أن بيعه بهذه الطريقة خطر محدق في كل المقاييس ولكن عدم وجود آليه معينة للسيطرة أو المراقبة في ظل الامكانيات المتوفرة حاليا أقلها أننا لا نستطيع اخراج سكن العمالة من داخل الاحياء المأهولة فاننا لن نعمل شيئا أكثر من المساهمة في ظهور سوق سوداء لترويج بيع الدخان ستفاقم حجم المشكلة وتزيد الامر سوءا وتجر لنا مفاسد اخرى كثيرة.
قبل نحو عشر سنوات عندما قامت وزارة الزراعة الاسترالية بالقضاء على الثعالب وابادتها عن طريق الرش بالطائرات على خلفية شكوى تقدم بها المزارعون ضد الثعالب التي افسدت عليهم بعض المحاصيل الزراعية تسبب في تخفيض معدلات الانتاج أكتشفوا بعد فترة الخطأ الذي أخل بقاعدة التوازن البيئي عندما غزتهم الارانب التي كانت قبل ذلك غذاء للثعالب وصورتها وسائل الاعلام وهي تزحف اليهم مثل دفق الماء لتقضي هذه المرة على كل المحاصيل وليس نسبة منها أدركوا حينها انهم عالجوا مشكلة ترتب عليها مشكلة اكبرو أخطر منها وبالتالي ما استطاعوا الحفاظ على المحصول ولا الأرانب ولا الثعالب.
ومثل ذلك ينطبق على الدواء حتى وان كان اسمه دواء الا اننا عند ما نستخدمه بطريقة خاطئة أو غير مقننة يؤدي في النهاية إلى مضاعفات اخطر من المرض نفسه.
أكشاك مرخصة ومراقبة
الحل الذي نراه مناسبا (مع يقيننا التام ان دور أولياء الامور اولاً والمدرسة ثانياً في التوعية والتوجيه تبقى المحصن الحقيقي والأهم في هذه المعادلة) هو بيعه من خلال اكشاك مرخصة خاصة ببيع (الدخان فقط) يرخص لها في اماكن معروفة ومكشوفة للجميع لتكون خيار (الشر الذي لا بد منه) أو (أهون الشرين) كما يقال ولكن قبل ذلك لابد من توفير بيئة تسهم في تحقيق الهدف ومنها القضاء على اوكار العمالة السائبة واخراجهم من دهاليز الاحياء المظلمة والمهجورة إلى مجمعات سكنية منظمة تخضع للرقابة الامنية الدائمة يسن بعد ذلك عقوبات رادعة اقلها غرامة كبيرة وسجن وترحيل الاجنبي واغلاق المحل المخالف لكل من يثبت بيعه على صغار السن أو يخالف شروط البيع وتكون خاضعة لرقابة تشرك فيها هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. مثل هذه الاكشاك ستسهل من عملية المراقبة والوصول اليها وحصرها مع سهولة السيطرة عليها ونتعامل من خلالها على الاقل مع بائعين معروفين يخافون على نشاطهم كما نستطيع ان نملي عليهم شروطنا بذلك نقضي على عملية البيع العشوائي الذي متى ما اوقفناه من خلال المحلات التي تبيعه الآن سندفعه إلى البيع بواسطة سوق سوداء عن طريق كل من هب ودب وتكون بالتأكيد سوقاً مغرية ومربحة.