حتى لاتكون وزيرا من ورق..!!

لا يعني العنوان أعلاه الوزير بشخصه بل بكونه ممثلا أعلى لوزارته كما لايعني أنه موجه لإدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة حيث أكتب اليوم حول مخرجات حادثتها فالحريق الذي أودى بحياة معلمتين وأصاب العشرات من الطالبات بإصابات مختلفة بعضها خطير يمكن أن يحصل في كل مكان وتحت اسوأ الظروف. لكن الأهم هو أن يفتح الحادث ملفا خطيرا جمده الفساد الإداري والمالي طويلا حتى أصبح وقوداً جاهزاً لإحراق البشر بالمدارس.


ملف الموافقة على إعطاء الرخص الرسمية لملاك المدارس الأهلية لمباشرة العمل بمدارسهم رسميا ملف شائك وخطير تبدو علاماته الظاهرة على أرض الواقع ذات صبغة فاسدة، إذ من يرى غالبية مبان المدارس الأهلية بنين وبنات يدرك أن إدارات التربية والتعليم بالمناطق متورطة بجريمة الخطر البشري ضد الطالب والطالبة.


فمبان لا تتوفر فيها أدنى درجات البيئة المدرسية كيف يسمح لها بمزاولة العمل رسميا ؟ومدارس تتلكأ بتنفيذ اشتراطات السلامة كيف يمكن أن يتم الصمت تجاهها؟ ومدارس أخرى تحشر الطلاب داخل غرف المطابخ وغرف النوم والمجالس كيف يمكن أن يسمح لها بتدريس الطلاب والطالبات ؟


معظم ملاك المدارس الأهلية هم من منسوبي وزارة التربية والتعليم ويتخذون من علاقاتهم الشخصية بالمسؤولين جسراً لضرب النظام واختراق كل القيم الإدارية المنظمة للعمل، وخلق بذرة الفساد الإداري والمالي لتحقيق الأرباح وزيادة تخمة جيوبهم .

تلك هي الحقيقة المرة التي يجب أن يواجهها وزير التربية والتعليم، فنظرة سريعة على غالبية المدارس الأهلية تكفي لأن يعرف المسئول مقدار ما اقترفته أيادي الفساد وغياب الذمة من أبناء الذمة والتربية!


إذا كنا قد أغفلنا التجاوزات النابعة من غالبية تلك المدارس التجارية والمتضمنة مساعدة الطلاب على تجاوز المراحل الدراسية حتى وإن كان الفشل حليفهم، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تتطلخ يد وزارة التربية والتعليم بجريمة التستر على ضرب أنظمة السلامة والبيئة المدرسية الجيدة !



لقد سكتنا على الإهانات التي تقابل المعلمين السعوديين بالمدارس الأهلية وأخطرها إرغامهم على العمل برواتب متدنية جداً أو دون راتب استغلالاً لحاجتهم لشهادة الخبرة، وبعضهم وقع براتب معين لكن الحقيقة تكشف أنه يستلم أدنى منه بكثير جداً! فهل يعرف الوزير أن هناك من يدفع خمسمائة ريال فقط كراتب شهري للمعلم السعودي؟ حيث أعطت الوزارة بسكوتها وعدم مراقبتها للفاسدين الفرصة للمدارس الأهلية لأن تتطور مالياً وتتحطم تعليميا وإنشائياً فكانت النتيجة أن وقع الفأس بمدرسة تعتبر من أفضل المدارس الأهلية بجدة لكنها رفعت لواء الشفافية والمسائلات المرتقبة والقرارات القادمة!

ولكن أن يتم السكوت على سلامة الأرواح، ويتمادى الجشع بالمتاجرة والمرابحة في سوق الرقاب والأنفس فهذا ما لا يقبل ابتداء وانتهاء وبأي حال من الأحوال، حتى وإن بلغ الفساد والجشع والنهم مبلغة، فلا بد من رشيد حازم يقطع دابر تلك الجوقة التي تنخر في قلب الوطن، وموطن النبض للدولة وهو التعليم.


عليه .. لا عذر لك أيها الوزير بعد اليوم.. ولا عذر لأي مسئول بإدارات التربية والتعليم، وكفانا مجاملات لمرتزقة المعرفة وبلطجية التربية، فالحزم الحزم أو الحزم الحزم، أو حتى الحزم الحزم.


واقع اليوم يثبت أن هناك مساحة شاسعة بين وزارة التربية وإداراتها بالمناطق، فالورق والتقارير هو من ينظم العملية ومن لاذمة له فهو مستعد لتعبئة كل الورق بما يعزز من جمالية عمله الأسود والقبيح!

أخيراً لا نريد نحن المواطنون إعفاء الوزير بناء على طلبه كما حدث عندما أعفي رئيس تعليم البنات أيام حريق مدرسة مكة عام 2002م بل نريد أن يفهم الوزير أن الطاسة ضايعة وهو مشغول بملفات التطوير الورقية!

بقي أن اشير إلى نقطة هامة وجديرة بالتقدير والتي تتضمن الحضور القوي لسمو وزير التربية والتعليم في القضية وشفافيته العالية وزيارات المواساة التي قام بها وهو أمر يدعونا للتقاؤل بمستقبل من الجميل أن تلون معالمه كارثة بدلا من أن يظل مصبوغا بالأسود طول العمر..!!

جريدة عاجل الاليكترونية _ سلطان المهوس



قبل الطبع :

القائد الذي لا يفهم جيشه ..قائد أصم!