18-Nov-2012, 04:03 PM | #1 |
مشرف منتديات الشعر الشعبي
ابوفيصل
|
توحيد الأسماء والصفات (الحلقة الأولى)
توحيد الأسماء والصفات (الحلقة الأولى) للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً ـ . أما بعد : فإن العلم بأسماء الله وصفاته أشرف ما اكتسبته القلوب ، وأزكى ما أدركته العقول ؛ فهو زبدة الرسالة الإلهية ، وهو الطريق إلى معرفة الله وعبادته وحده لا شريك له . وفيما يلي من صفحات سيكون الحديث عن هذا النوع من أنواع التوحيد من خلال الوقفات التالية : • تعريف توحيد الأسماء والصفات . • أهميته . • ثمراته . • طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته . • الأدلة على صحة مذهب السلف . • قواعد في أسماء الله ـ عز وجل ـ . • قواعد في صفات الله ـ عز وجل ـ . • ما ضد توحيد الأسماء والصفات ؟ • الفرق التي ضلت في باب الأسماء والصفات . • حكم من نفى صفة من الصفات الثابتة بالكتاب والسنة . • مسائل أحدثها المتكلمون ـ الكلمات المجملة ـ . • دراسة موجزة لبعض الكلمات المجملة . • وقفة حول المجاز . وأخيراً أسأل الله بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى أن يلهمنا رشدنا ، ويعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا ؛ إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم . تعريف توحيد الأسماء والصفات 1 / هو : الإيمان بما وصف الله به نفسَه في كتابه ، أو وَصَفَه به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأسماء الحسنى والصفات العلى وإمرارها كما جاءت على الوجه اللائق به ـ سبحانه وتعالى ـ . 2 / أو هو : اعتقاد انفراد الله ـ عز وجل ـ بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة ، والجلال ، والجمال . وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأسماء والصفات ، ومعانيها وأحكامها الواردة بالكتاب والسنة . 3 / وعرفه الشيخ عبدالرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ بتعريف جامع حيث قال : " توحيد الأسماء والصفات : وهو اعتقاد انفراد الرب ـ جل جلاله ـ بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة ، والجلال ، والجمال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه . وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من جميع الأسماء ، والصفات ، ومعانيها ، وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله ، من غير نفي لشيء منها ، ولا تعطيل ، ولا تحريف ، ولا تمثيل . ونفي ما نفاه عن نفسه ، أو نفاه عنه رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من النقائص والعيوب ومن كل ما ينافي كماله " . أهمية توحيد الأسماء والصفات للعلم بتوحيد الأسماء والصفات والإيمان به أهمية عظيمة ، ومما يدل على أهميته مايلي : 1 / أن الإيمان به داخل في الإيمان بالله ـ عز وجل ـ إذ لا يستقيم الإيمان بالله حتى يؤمن العبد بأسماء الله وصفاته . 2 / أن معرفة توحيد الأسماء والصفات والإيمان به كما آمن السلف الصالح ـ عبادة لله ـ عز وجل ـ فالله أمرنا بذلك ، وطاعته واجبة . 3 / الإيمان به كما آمن السلف الصالح طريق سلامة من الانحراف والزلل الذي وقع فيه أهل التعطيل ، والتمثيل ، وغيرهم ممن انحرف في هذا الباب . 4 / الإيمان به على الوجه الحقيقي سلامة من وعيد الله ، قال ـ تعالى ـ : ( وَذَروا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [الأعراف : 180] . 5 / أن هذا العلم أشرف العلوم ، وأجلها على الإطلاق ؛ فالاشتغال بفهمه ، والبحث فيه اشتغال بأعلى المطالب ، وأشرف المواهب . 6 / أن أعظم آية في القرآن هي آية الكرسي ، وإنما كانت أعظم آية لاشتمالها على هذا النوع من أنواع التوحيد . 7 / أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ؛ لأنها أخلصت في وصف الله ـ عز وجل ـ . 8 / أن الإيمان به يثمر ثمرات عظيمة ، وعبودياتٍ متنوعةً ، ويتبين لنا شيء من ذلك عند الحديث عن ثمرات الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات . ثمرات الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات العلم بأسماء الله وصفاته ، وتدبرها ، وفهمها على مراد الله أهم العلوم وأشرفها كما مر ؛ لما يثمره من الثمرات العظيمة النافعة المفيدة . ولقد اعتنى علماء الإسلام ـ قديماً وحديثاً ـ في بيان أسماء الله وصفاته ، وشرحها ، وإيضاحها ، وبيان ثمرات الإيمان بها ، فمن الثمرات التي تحصل من جراء الإيمان بها ما يلي : 1 / العلم بأسماء الله وصفاته هو الطريق إلى معرفة الله : فالله خلق الخلق ليعرفوه ، ويعبدوه ، وهذا هو الغاية المطلوبة منهم ؛ فالاشتغال بذلك اشتغال بما خُلق له العبد ، وتركه وتضييعه إهمال لما خُلق له ، وقبيح بعبد لم تزل نِعَمُ الله عليه متواترة أن يكون جاهلاً بربه ، معرضاً عن معرفته . وإذا شاء العباد أن يعرفوا ربهم فليس لهم سبيل إلى ذلك إلا التعرف عليه من خلال النصوص الواصفةِ له ، المصرِّحةِ بأفعاله وأسمائه ، كما في آية الكرسي ، وآخر سورة الحشر ، وسورة الصمد ، وغيرها . 2 / أن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته وخوفه ورجائه وإخلاص العمل له : وهذا هو عين سعادة العبد ، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته والتفقه بمعانيها ، وأحكامها ، ومقتضياتها . 3 / تزكية النفوس وإقامتها على منهج العبودية للواحد الأحد : وهذه الثمرة من أجل الثمرات التي تحصل بمعرفة أسماء الله وصفاته ، فالشريعة المنزلة من عند الله تهدف إلى إصلاح الإنسان ، وطريقُ الصلاح هو إقامة العباد على منهج العبودية لله وحده لا شريك له ، والعلمُ بأسماء الله وصفاته ، يعصم ـ بإذن الله ـ من الزلل ، ويفتح للعباد أبواب الأمل ، ويثبت الإيمان ، ويعين على الصبر ، فإذا عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته ، واستحضر معانيها ـ أثّر ذلك فيه أيما تأثير ، وامتلأ قلبه بأجل المعارف والألطاف . فمثلاً أسماء العظمة تملأ القلب تعظيماً وإجلالاً لله . وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة له ، وشوقاً إليه ، ورغبة بما عنده ، وحمداً وشكراً له . وأسماء العزة ، والحكمة ، والعلم ، والقدرة ـ تملأ القلب خضوعاً وخشوعاً وانكساراً بين يديه ـ عز وجل ـ . وأسماء العلم ، والخبرة ، والإحاطة ، والمراقبة ، والمشاهدة ـ تملأ القلب مراقبةً لله في الحركات والسكنات في الجلوات والخلوات ، وحراسةً للخواطر عن الأفكار الرديئة ، والإرادات الفاسدة . وأسماء الغنى ، واللطف ، تملأ القلب افتقاراً ، واضطراراً ، والتفاتاً إليه في كل وقت وحال . 4 / الانزجار عن المعاصي : ذلك أن النفوس قد تهفو إلى مقارفة المعاصي ، فتذكر أن الله يبصرها ، فتستحضر هذا المقام وتذكر وقوفها بين يديه ، فتنزجر وترعوي ، وتجانب المعصية . 5 / أن النفوس طُلعَة ، تتطلع وتتشوق إلى ما في أيدي الآخرين ، وربما وقع فيها شيء من الاعتراض أو الحسد ، فعندما تتذكر أن الله من أسمائه " الحكيم " ، والحكيم هو الذي يضع الشيء في موضعه ـ عندئذٍ تكف عن حسدها ، وتنقدع عن شهواتها ، وتنفطم عن غيّها . 6 / أن العبد يقع في المعصية ، فتضيق عليه الأرض بما رَحُبت ، ويأتيه الشيطان ؛ ليجعله يسيء ظنه بربه ، فيتذكر أن من أسماء الله " الرحيم ، التواب ، الغفور " فلا يتمادى في خطيئته ، بل ينزع عنها ، ويتوب إلى ربه ، ويستغفره فيجده غفوراً تواباً رحيماً . 7 / ومنها أن العبد تتناوشه المصائب ، والمكاره ، فيلجأ إلى الركن الركين ، والحصن الحصين ، فيذهب عنه الجزع والهلع ، وتنفتح له أبواب الأمل . 8 / ويقارع الأشرار ، وأعداء دين الله من الكفار والفجار ، فيجدُّون في عداوته ، وأذيته ، ومنع الرزق عنه ، وقصم عمره ، فيعلم أن الأرزاق والأعمار بيد الله وحده ، وذلك يُثمر له الشجاعة ، وعبودية التوكل على الله ظاهراً وباطناً . 9 / وتصيبه الأمراض ، وربما استعصت وعزَّ علاجها ، وربما استبد به الألم ، ودب اليأس إلى قلبه ، وذهب به كل مذهب ، حينئذٍ يتذكر أن الله هو الشافي ، فيرفع يديه إليه ويسأله الشفاء ، فتنفتح له أبواب الأمل ، وربما شفاه الله من مرضه ، أو صرف عنه ما هو أعظم ، أو عوضه عن ذلك صبراً وثباتاً ويقيناً هو عند العبد أفضل من الشفاء . 10 / أن العلم به ـ تعالى ـ أصل الأشياء كلها : حتى إن العارف به حقيقة المعرفة يستدل بما علم من صفاته وأفعاله على ما يفعله ويشرعه من الأحكام ؛ لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته ؛ فأفعاله دائرة بين العدل ، والفضل ، والرحمة ، والحكمة . 11 / أن من انفتـح له هذا الباب ـ باب الأسماء والصفات ـ انفتح له باب التوحيد الخالص ، الذي لا يحصل إلا للكُمّل من الموحدين . 12 / زيادة الإيمان : فالعلم بأسماء الله وصفاته من أعظم أسباب زيادة الإيمان ، وذلك لما يورثه في قلوب العابدين من المحبة ، والإنابة ، والإخبات ، والتقديس ، والتعظيم للباري ـ جل وعلا ـ ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ) [محمد : 17] . 13 / أن من أحصى تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله دخل الجنة ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة " . هذا وسيأتي معنى إحصائها عند الحديث عن قواعد في الأسماء . وللحديث بقية </b></i> |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(عرض الجميع ) الأعضاء الذين قرأوا الموضوع هم : 9 | |
, , , , , , , , |
|
|