06-Nov-2013, 09:30 AM | #1 | |||||||||
عضو محترف
|
العام الهجري دروس وعبر
( الصحبة يا رسول الله ) للشيخ : ( سعود الشريم )
إن الناظر في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ليرى أن أعجب موقف في حياته عليه الصلاة والسلام هو يوم أن هاجر المصطفى من مكة إلى المدينة، وما لقيه من اضطهاد خلال تلك الأيام، وإن في ذلك لدروساً وعبراً. فوائد وعبر من هجرة المصطفى أيها الناس! بمثل هذه السيرة العطرة تتجلى الخواطر؛ لتنهل منها دروساً عظيمة الدلالة، دقيقة المغزى، بعيدة الأثر في نفوس الكرام من أبناء الملة، ومن واجب المسلمين أن يحسنوا الانتفاع بها عن طريق التذكر المفضي إلى العمل بها إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37] ومهما تتبارى القرائح، وتتحبر الأقلام مسطرة فوائد الهجرة؛ فستظل جميعاً كأن لم تبرح مكانها، ولم تحرك بالقول لسانها، وقد يعجز عن حصرها كثير من الناس، قال شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب المجدد لما اندرس من معالم الإسلام رحمه الله تعالى قال في حادث الهجرة: وفيها من الفوائد والعبر ما لا يعرفه أكثر من قرأها. انتهى كلامه رحمه الله. البذل من أجل العقيدة والدين ولعل من أبرز الدروس المستقاة من حادث الهجرة أن صاحب الدين القويم والعقيدة الصحيحة ينبغي أن لا يساوم فيها أو يحيد عنها، بل إنه يجاهد من أجلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وإنه ليستهين بالشدائد والمصاعب التي تعترض طريقه عن يمين وشمال؛ ولكنه في الوقت نفسه لا يصبر على الذل يناله، ولا يرضى بالخدش يلحق دعوته وعقيدته. شرف الصحبة والصداقة ويلوح لنا في حادث الهجرة خاطر آخر، يتعلق بالصداقة والصحبة، فالإنسان في هذه الحياة لا يستطيع أن يعيش وحيداً منفرداً، بل لا بد له من الصديق الذي يلاقيه ويناجيه ويواسيه، يشاركه مسرته، ويشاطره مساءته، وقد تجلت هذه الصداقة والصحبة في تلك الرابطة العميقة التي ربطت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر رضي الله تعالى عنه.ولقد أصبحت علاقات الكثيرين من الناس في هذا العصر تقوم لغرض أو لعرض إلا من رحم الله، وتنهض على رياء أو نفاق، والأمة المسلمة اليوم أحوج ما تكون إلى عصبة أهل الخير، تتصادق في الله، وتتناصر على تأييد الحق وتتعاون على البر والتقوى قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]. نصر الله لمن نصر دينه وخاطر ثالث يتجلى من ذكر هذه الحادثة: وهو أن الله ينصر من ينصره، ويعين من يلجأ إليه ويعتصم به ويلوذ بحماه، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن المخلص الموقن بما عند الله، حين تنقطع به الأسباب وحين يخذله الناس، وبعض الأغرار الجهلاء يرون مثل ذلك فراراً وانكساراً، ولكنه في الحقيقة كان عزاً من الله وانتصاراً إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ [التوبة:40] وبم نصره الله؟ نصره بأضعف جنده قال تعالى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] نصره بنسيج العنكبوت وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:41]. تربية الشباب على الدين وخاطر رابع: يشير إلى أن الشباب إذا نبتوا في بيئة الصلاح والتقوى؛ نشئوا على العمل الصالح، والسعي الحميد والتصرف المجيد.والشباب المسلمون إذا رضعوا رحيق التربية الدينية الكريمة؛ كان لهم في مواطن البطولة والمجد أخبار وذكريات، فـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يتردد في أن ينام على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن سيوف المشركين تستعد للانقضاض على النائم فوق هذا الفراش، ويتغطى ببردته في الليلة التي اجتمع فيها شياطين الكفر والغدر ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا لها من نومة تحيطها المخاوف والأهوال، ولكن فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64]. تذكر إخواننا المشردين أيها المسلمون: هكذا تعطينا الهجرة اليوم ما يعظنا في حاضرنا وينفعنا في أولانا وأخرانا، وهناك اليوم في أرجاء المعمورة إخوان لنا مهاجرون مسلمون، أرغموا على ترك ديارهم وأوطانهم بعد أن فعل بهم الكفرة الأفاعيل، وبعد أن تربصوا بهم الدوائر، ووقفوا لدعوة النور في كل مرصد، يقطعون عليها الطريق ويعذبون أهلها العذاب الشديد، لا لشيء إلا لأنهم قالوا: ربنا الله؛ فهاجروا كرهاً وأخرجوا كرهاً، فهم يهاجرون من وطن لآخر؛ إقامة لدين مضطهد وحق مسلوب، في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين.فاتقوا الله أيها المسلمون: وقفوا وقفة المهاجر بنفسه وإن لم يهاجر بحسه، فلنهاجر إلى الله بقلوبنا وعقولنا وأعمالنا، ولنلجأ إليه ليكون ناصرنا ومؤيدنا قال تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمران:160].بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. |
|||||||||
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(عرض الجميع ) الأعضاء الذين قرأوا الموضوع هم : 6 | |
, , , , , |
|
|