تحديث :تركت طفليها وزوجها المكلوم وأخذت جنينها ورحلت

تركت طفليها وزوجها المكلوم وأخذت جنينها ورحلت

"الوئام" تكشف مأساة أم شابة.. قتلها الروتين والإهمال الطبي بمستشفى حائل العام



مأساة إنسانية صنعها الروتين والإهمال الطبي بمستشفى حائل العام..، راحت ضحيتها أم شابة فى السادسة والعشرين من عمرها ،حاملة فى أحشائها جنينها فى شهره الثالث ،وسط صرخات طفليها سجى 4 سنوات ومعاذ 6 أشهر وزوج مكلوم اسودت الدنيا فى عينيه بعدما خارت كل قواه التى استنفذها فى دهاليز الروتين بين الأوراق والتقارير الطبية أملاً فى إنقاذ زوجته التى كانت بين يديه تعانى فقط من أزمة فى التنفس ،لتصبح بين عشية وضحاها جثة هامدة قد أسلمت الروح لبارئها ولا يدرى بماذا يجب طفلته "سجى" حين تسأله أين أمى ؟ ،أو يبكى معاذ بحثاً عمن كانت تحمله على صدرها لترضعه غذاءً وحناناً.
بداية المأساة
" الوئام " تفتش فى دفاتر مأساة مريم التى عجز جسدها الناحل عن مصارعة الروتين وقسوة الأطباء مستشفى حائل العام ، وذلك مع زوجها عبيد الرشيدي الذي لم يكد يستعيد شتات عقله ووعيه من هول مأساته ..، فمصابه جلل ما بين زوجة اختارها رفيقة لدربه ففارقته للأبد وبين طفل وطفلة اختصه القدر أن يكون لهما أباً وأما فى آن معاً ليروى لنا تفاصيل محنته التى بدأت يوم الأحد 13 / 8 / 1431 هجرية حين تم تحويل زوجته من مستشفى الشملي إلى مستشفى حائل العام وهي تعاني من ضيق في التنفس وفقر فى الدم ، وفى اليوم التالى مباشرة أخبره طبيب الباطنة أن زوجته تعاني من جلطة في الجزء الأيمن من القلب وذلك بحسب تقرير طبيب أمراض القلب ، وهنا يقول الزوج توجهت فورا إلى الدكتور أديب الذي أعد التقرير حول حالة القلب لأقف على حقيقة حالة زوجتى وأم أولادى فإذا به يخبرنى بأنها لا تعانى من جلطة ،وإنما تعاني من تورم نادر في القلب ، وأن الحالة بحاجة عاجلة لتدخل جراحي في أحد المراكز المتخصصة وأقربها في القصيم أوفى الرياض ، وعلى الفور تم إعداد تقرير بالحالة وتمت مخاطبة مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ومستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة ، وظللنا يوماً كاملاً انتظاراً لرد أى منهما ورغم الحالة الحرجة لزوجتى تأخر الرد حتى صباح الثلاثاء 15 /8 حيث وافقت عيادة الأمير سلطان لطب وجراحة القلب ببيريدة على استقبالها ولكن على أن يتم استقبالها ، يوم11/ 10 أي بعد 55 يوماً !! .
صراع مع الروتين
لم يصدق الزوج ما سمع خاصة أن زوجته حالتها كما فهم من الأطباء فى حالة بالغة الحرج فعاد إلى الطبيب الذى أعد تقرير القلب لزوجته كي يعيد إرسال التقرير مرة أخرى إلى عيادة المير سلطان ببريدة مع توصية وشرح لحالتها الحرجة التى تستدعي سرعة التدخل الجراحى غير أن الطبيب فاجأه برفض طلبه معللاً موقفه بأنه لا دخل له بعيادة المير سلطان ببريدة ، راح الزوج يتوسل لمسئولى شئون المرضى للإقناع الطبيب بتلبية طلبه الإنسانى لإرسال تقرير عاجل بحالة زوجته فما كان من الطبيب إلا أن قال بأن الحالة عادية جدا ولا ولا داع للعجلة ؟ جاء رد الطبيب كالصاعقة على الزوج فكيف أن حالة زوجته عادية وهو يراها تتدهور بشكل سريع ولا تستطيع العيش بعيداً عن الأجهزة الطبية ؟ وكيف أن الطبيب نفسه الذى نصحه بسرعة التدخل الجراحى يعود ليقول إن الحالة عادية ؟ .
حاول الزوج إقناع المدير الطبي في عيادة الأمير سلطان بحالة زوجته الحرجة فرفض هو الآخر بحجة أن الحالة وفق التقرير المرسل من مستشفى حائل العام لا تستدعي العجلة فى نقلها خاصة وأنها بحسب التقرير تستجيب للعلاج ، لم ييأس الزوج ولم يترك باباً إلا طرقه ، فأخذ أوراقه وتقاريره وذهب إلى المدير الطبي في مستشفى حائل العام الذي رفض التدخل ، فانطلق إلى القصيم حيث المدير الطبي لمركز طب وجراحة القلب ليعرض عليه الأمر ويستطلع رأيه فى إمكانية نقل زوجته في سيارة إسعاف مستأجرة إلى المركز إلا أنه رفض ذلك على الرغم من توفر عدد كاف من الأسرة ، فعاد الرجل مرة أخرى إلى شؤون المرضى في مستشفى حائل طالباً منهم تأمين سيارة إسعاف لنقل زوجته إلى عيادة القلب في القصيم لإدخالها عن طريق الطوارئ هناك ، فقالوا له إن طلب محال ولا يمكن تلبيته إلا بتدخل مدير الشؤون الصحية بمنطقة حائل على الفور انطلق عبيد إلى مكتب السيد المدير إلا أن مقابلة المدير استحالت عليه بعدما منعه الموظفون من الدخول إليه بحجة أنه لا يستقبل المواطنين إلا يوم الاثنين ، لم تشفع توسلاتى أو حالة زوجتى فى السماح لى بدخول مكتب الدكتور نواف الحارثى مدير الشؤون الصحية بحائل غير أن أحد العاملين بمكتبه نصحه بالتوجه إلى إدارة النقل والطوارئ ، التى أخبره مسؤولوها بأنهم سيخاطبون إدارة النقل والطوارئ بالوزارة لبحث حالته !!
محاولات يائسة
كان تدهو حالة الزوجة أسرع من كل تلك التحركات التى نسج الروتين والإهمال شباكه على كل خطوة منها فساءت حالتها فتم إدخالها إلى العناية المركزة بمستشفى حائل العام ، وقام استشاري أمراض قلب تم استدعاؤه من مستشفى الملك خالد بحائل بإعداد تقرير طبي عاجل وأرسله إلى إدارة النقل والطوارئ و إرساله إلى جميع المستشفيات المتخصصة بحثاً عمن يقبلها بشكل عاجل .
لم يكن عبيد لينتظر نتائج تلك الخطوة لعدم جدوى كل تحركاته حتى هذه اللحظة فلجأ فى الوقت نفسه إلى بعض زملائه وأصدقائه في الرياض في محاولة لتوفير أمر إخلاء لها فانطلقوا بحثاً مع مدينة الملك فهد الطبية ومستشفى الملك فيصل إلا أن أياً منهما لن تستقبلها قبل أسبوع وهو فوق ما تحتمله حالة الزوجة !!
يواصل زوج رواية مأساته ويقول هنا أخربتى مستشفى حائل أن الحالة تدهورت ، فقمت بالاتصال بمدير النقل والطوارئ فقال:" لا يمكن أن أعمل لك شيئاً " ، فاتصلت الدكتور نواف الحارثي مدير الشؤون الصحية بمنطقة حائل الذي لم يتعاطف معي بل وبادرني بالسؤال من أين أتيت برقمي ؟ وكرره كثيرا ، فقلت له إن هذا ليس مهما ، المهم زوجتي أم أبنائي في حالة حرجة وبقائها في مستشفى حائل العام يجعل حياتها فى خطر ، حيث تعانى من ورم خطير في القلب ، أرجوك أريد وقفة إنسانية انقلوا زوجتي ، فقال الدكتور الحارثي : في حالة يتصل بي الدكتور المباشر للمريضة ويصف حالتها بالخطرة ، أو تأتي لي بتقرير طبي يفيد بذلك سوف أنقلها لك الآن لأي مستشفى تريد . انتهت المكالمة مع الدكتور الحارثي عند هذه النقطة ..، فذهبت إلى مكتب المدير المناوب وأخبرني أن النظام يقول يحق لمدير الشؤون الصحية التدخل لنقل المريض بعد 24 ساعة من آخر تقرير وآخر تقرير لديك لم يمض عليه 7 ساعات إذاً عليك الانتظار حتى الغد !! بعدها عاودت الاتصال بمدير الشؤون الصحية لكنه لم يرد .
يد القدر
ويضيف عبيد عندها قمت بإرسال برقيات إلى المسؤولين ووزير الصحة شرحت فيها حالة زوجتى واستنجدت بهم ..، وبعد ذلك طلبني نائب مدير مستشفى حائل العام ليبلغنى أن حالة زوجتي حرجة وخطيرة ، ويتعين عليك نقلها فى سيارة الإسعاف إلى عيادة القلب في بريدة ، وهناك قد يتم رفضها ، وفي هذه الحالة لابد أن ( تشغل وساطتك ) حتى تتمكن من الدخول لمركز القلب ، ليخبرني الدكتور المباشر أن حالتها لا تتحمل النقل في سيارة الإسعاف العادية وليس لدينا إخلاء طبي، ثم اجتمع عدد من الأطباء بينهم طبيب أمراض القلب ، وطبيب النساء والولادة ، وطبيب العناية المركزة ليشرعوا في كتابة تقرير عاجل وبعد حضور مدير التنسيق الطبي وجد أن التقرير قد كتب بخط اليد ، وحتى يمكن مخاطبة أى مستشفى لابد من كتابته على الكمبيوتر وما إن تم الانتهاء من كتابة التقرير وتجهيزه واعتماده ، غير أن قدر الله كان أسبق إلى زوجتى ففاضت روحها قبل إرسال التقرير لتزهق روح إنسانه على صخرة الروتين التى لا تعرف للإنسانية سبيلاً ولا للرحمة باباً ..
"الوئام" حاولت استجلاء الموقف من الجانب الآخر فكان لها اتصال هاتفي بمدير الشؤون الصحية بمنطقة حائل الدكتور نواف الحارثي الذى قال إنني أوصيت بمتابعة حالة المريضة ، ولا يمكن أن أتدخل في عمل غيري حيث هناك مدير للمستشفى ونائباً له وطاقم إداري وضعوا لخدمة المواطن، ودوري يأتي في حالة أن أيا من المدراء أو المسؤولين توقفوا عن الخدمة هنا ممكن أن أتجاوب مع المواطن ، ولا يمكن لي أن أخدم كل مواطن على حده لان ذلك يستغرق وقتاً طويلا.
انتهت تفاصيل المأساة وبقيت الأسئلة تبحث عن أجوبة : أليس من حق أى مواطن إنقاذ حياته ما دام قد وصل إلى المستشفى ؟ أليس المرض حالة استثنائية يجب أن يغرب عنها الروتين البغيض ؟ متى يتوقف مثل هذا السلوك من الإهمال والتناقض فى المستشفيات خاصة فى الأمرو التى تتعلق بحياة أو موت إنسان ؟ هل يفلت كل من تسببوا فى مأساة مريم وأطفالها وزوجها دون محاسبة ؟ !