31-Aug-2014, 08:27 PM | #1 |
عضو متألق
|
التطرف والمخدرات والتضييق على الطريق الثالث
من المهم جدا أن نُعيد أي مشكلة تواجهنا إلى أسبابها، وأن نعمل على معالجة تلك الأسباب إن أمكن، هذا هو المدخل الصحيح لمواجهة المشاكل، لكن أن نتوقف عند هذا المربع، ونمضي كل الوقت في البحث عن أدلة الإدانة خاصة في تلك القضايا التي تتصل بالمسائل الفكرية والثقافية، والتي لا تكفي الإدانة لتعديل مسار مخرجاتها، بحكم أنها منتج تراكمي استحوذ على عقول معتنقيه، فهذا لن يؤول بنا إلى أي نتيجة، فالأمر لا يتصل بطريق مترهل يمكن أن نلزم المقاول بقضه وإعادة رصفه مجددا وفق قواعد فنية دقيقة، ولا بتمديدات مياه استخدم فيها المتعهد أنابيب مثقوبة، لنلزمه بفكها واستبدالها بأخرى أكثر كفاءة، هذا إن كان يجوز في قاموس الخدمات، فإنه قطعا لا يجوز في قاموس القضايا الفكرية وروابطها المعقدة.
الإرهاب مثلما نعلم نتيجة عملانية لجملة من الأفكار المتطرفة التي استحوذت بشكل أو بآخر على عقول مشوشة وربما هشة، ولم تجد ساعة بنائها من يتصدى لها ويفككها، ليوقظ معتنقيها وينبههم من مغبة الجري خلف أوهامها اليوتوبية، وليعيدهم إلى آدميتهم وإنسانيتهم التي تجعلهم يدركون أن أبواب الجنان لا يمكن أبدا أن تكون ملطخة بالدماء التي حرم الله، وأن التوحش الفكري ليس هو السبيل الذي يصون العقائد النبيلة، أو ينتصر لها، بقدر ما يشوهها، ويطعنها في الخاصرة. الإرهاب مهما كانت سطوته وقسوته هو في الجملة وبشكل ضمني حالة من الضعف والخواء الفكري الذي يدفع صاحبه للبحث عن الثغرات بقصد النيل من الآخرين، واستباحة دمائهم عبر فتاوى تستعير لباس الجهاد لتخفي ضعفها، وتهافت حججها، دون أن يعي من يرتكب مثل هذه الحماقات أن النتائج التي تنجزها لا يُمكن أن تؤسس لبناء قناعات مكينة في تلك الأوساط التي تشكل مسرح عملياتها، بقدر ما تزرع فيها من الخوف الذي يجعل من يستسلم لها، إنما يُذعن بدافع الرعب، وليس بدافع الإيمان بعقيدتها، لأن الإيمان نبت إلهي لا يُورق بالبارود، وإنما ينمو ويستوي على سوقه بالاقتناع والطمأنينة الروحية لسلامة المسلك والغاية. ومثلما أنه لا يكفي للتصدي للإرهاب أن نتوقف عند إدانة الفكر المتطرف الذي يُحركه، ومن روج له، فإنه أيضا لا يكفي أن نتجه للمواعظ والتحذيرات وكتابة المقالات التي تعمل على تشنيعه وتبشيعه، فهو يحمل بشاعته معه، وبأقصى حمولة في تلك السكاكين التي تُسنّ وتُجز فيها الرؤوس البريئة، وفي ثقافة التوحش التي تُجرّد هؤلاء الناس من آدميتهم وتُحوّلهم إلى وحوش مسعورة تتلذذ بسفك دماء كل من يُخالفهم الرأي ؛ يجب أن نلتقط تلك الارهاصات الصغيرة التي تمثل البذور الأولى للفكر المتطرف، وأن نتعامل معها بوعي، وأن نطالب الجامعات سواء تلك التي لديها كراسي علمية لمواجهة الإرهاب أو ما سواها لتنفتح على المجتمع ولتعمل على تفكيك عناصر كيمياء الإرهاب للوصول إلى تلك الحلقة الناقصة، التي تلم الشامي على المغربي في اعتناق هذا الفكر الظلامي، مع إبقاء فرضية الجهات المنتفعة، فإذا ما كانت الدولة قد قامت بواجبها كاملا وعلى مختلف المستويات في مواجهة الإرهاب لدرء مخاطره عن المجتمع، فإن ثمة دورا آخر يلزم أن يضطلع به المجتمع بعناصره الفاعلة وعبر مراكز البحوث في الجامعات للنبش فيما إذا كان هنالك علاقة ما بين خشية الكثيرين من وقوع أبنائهم في شرك المخدرات، وهي بالتأكيد خشية مبررة، وسكوتهم عن مظاهر الغلو في تدين أولئك الأبناء، وبالتالي عدم التدقيق في منابعهم، وسلامة منهجهم على اعتبار أن هذا ما سيحصنهم من الانزلاق في أوضار المخدرات، خاصة في ظل تقلص دور الطريق الثالث الذي يمثل التوسط ما بين الانحراف جهة اليمين أو جهة الشمال |
لاتامن الدنيا ترى وضعها شين ماعاد به دنيا صحيح بدنها لا صاروا العقال مثل المجانين واصبح ردي العرف يامر وينهي |
12-Sep-2014, 02:47 AM | #2 |
مشرف المنتدى الإعلامي
|
رد: التطرف والمخدرات والتضييق على الطريق الثالث
يعطيك الف الف عافيه
على هذا الطرح الرائع والمجهود المتميز تحياتي لك |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(عرض الجميع ) الأعضاء الذين قرأوا الموضوع هم : 3 | |
, , |
|
|