تعريج للخواطر التاريخية

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريج للخواطر التاريخية

سبق وان طرحت بعض الاسباب التى يجب ان نتخذها بعين الاعتبار ونناقشها مناقشةعلمية والتأكد من صحة الخبر عند نقلة لان الاسباب التى سبق ذكرها اوقعت اكثر المؤرخين فى المغالطات والاباطيل 0وكان منها تاخير تدوين التاريخ عند العرب ،حيث ان العرب لم يتطرقوا لتدوين تاريخهم واخبار شعرائهم في الجاهلية الا بعد الاسلام أي ايام الامويين واما شمول التاريخ للعرب وغيرهم فانه بدا كتدوين ايام العباسيين وهذا عند العرب واول كتاب تم تدوينه فى ايام العباسيين عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الفه محمد ابن اسحاق المتوفي عام 151هـ كتبه للخليفة المنصور00ولناوقفه00 قال الدكتور ابراهيم شعوط ان تأخر تدوين التاريخ عند العرب فرصة اتيحت للكاذبين وباب للدس والاختلاق فى التاريخ الاسلامي !! ماذا قيل عن محمد بن اسحاق مؤلف اول كتاب وعن من كتب (كتب)عن خير الخلق صلى الله عليه وسلم ؟ لقد تناول هذا الكتاب اهل عصر المؤلف وعلقوا على نقله فقال ابن النديم فى شانه 00(كان يحمل عن اليهود والنصارى ويسميهم فى كتبه " اهل العلم الاول0
وذكر احمد بن حنبل عن ابن اسحاق (كان رجلا يشتهى الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها فى كتبه) اليس هذا واضحا ؟ اذا كان ذلك كذلك فاننا نواصل قول الدكتورابراهيم لقد كشف النقاد ان كثيرا من المؤرخين القدامى الذين تعتبر كتابتهم مرجعا هاما وقعوا فى اخطاء لم تقرهم عليها الامانة العلمية بحال0
اما عن اضفاء الون الكذب والافتراء000 يقول ابن خلدون وجدت في كتاب فلك المعاني ) لابن الهبارية ان الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما دخل على معاوية فى مرض موته فقال معاوية : اسندوني ثم تمثل بيت ابي ذؤيب الهذلي:
وتجلدي للشامتين اريهم
اني لريب الدهر لااتضعضع
فسلم الحسن ثم انشد :
واذا المنية انشبت اظفارها
القيت كل تميمة لاتنفع
احبتي هل هذه الرواية صحيحه ام لا ننظر ماذاقال ابن خلكان ؛ قال: ان ابابكر بن داود الظاهري روى هذه الرواية فى كتاب الزهرة" منسوبة الى الحسين بن علي 00 ويعلق ابن خلكان على هذه القصة بما يثبت كذبها في نسبتها للحسن اوالحسين على السواء فيقول:قلتولم يذكر ابن الهبارية مرض موته أي(موت معاوية) ولا الظاهري انه كان في (علة الموت )ولايمكن ان تكون هذه الرواية صحيحة لان الحسن توفي قبل معاوية حيث كانت وفاته عام 49هـ ووفاة معاوية عام 60هـ والحسين لم يحضر وفاته لانه كان بالحجاز ومعاوية توفي بالشام في دمشق 0 ومن الدس وتلفيق الاكاذيب الى الخضوع لاهل المكانة ، فعضد الدولة ابن بويه كلف اسحاق الصابي ان يؤلف له كتابا في اخبار الدولة الديلمية وللخضوع في ذلك مجالا يضفي بلونا معينا من الكتابه فألف الصابي كتابا سماه(التاجي) فدخل عليه صديقا له فسأله عمايفعل فقال اباطيل انمقها واكاذيب الفقها 00 فمن يتتبع الحقيقة فى ما كتب يجد ان هناك من تولى كبر الاباطيل والدسائس عبر تسلسل الاحداث وحقبة الزمن كونه حرم من النفوذ او العطاء او اصيب بنقصا بشخصه لجأ الى التقول بافحش الكلام وافظعه لتلويث الشخصيات العظيمة وطمس معالم الحقيقة اوتغييرها حسب الاهواء بلا ادبا مع الله ولاتخلقا مع عباد الله وغير مكترث بما يسببه ذلك من الام ومتاعب للاخرين 0
ففي كتاب سيف الله خالد مؤلفه محمد فرج بين:ان ابن عساكر وبرهان الدين قالا: (ان عمربن الخطاب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما تصارعا وهما غلامان فكسر خالد ساق عمر ، فظل(عمر) يحمل لخالد في نفسه ضغينة وحقدا وكراهة وعندما تولى عمر الخلافة على المسلمين رأى الفرصة سانحة للانتقام من خالد فامر بعزله من امارة الجيش ، فهل هذا من المسلم به حاشى لله انه الباطل بإم عينه وانه لدليل قطعيا على جهل ابن عساكر وبرهان الدين بالاسلام 0
فمن اختلاق الاكاذيب ذكر د/حسن ابراهيم عن ابن العبري ابوفرج الملطي مانقله عن المؤرخ عبد اللطيف البغدادي بقوله: ( ان عمر بن العاص احرق مكتبة الاسكندرية بامرخليفة المسلمين عمر بن الخطاب ) وفند د/ ابراهيم شعوط تلك الرواية كونها مصدر الحكم على عمروبن العاص وعمر بن الخطاب بالعداء للعلم وكراهة المعرفة والتخلف الفكري بسبب احراق مكتبة الاسكندرية ، وضمن نقده لكشف القصد السئ بعدت نقاط ونكتفي بقولهنعلم ان فتح الاسكندرية كان في عام 21هـ وروايات عبد اللطيف البغدادي المتوفي عام 629هـ وابى الفرج الملطي 685هـ ظهرت بعد ستة قرون من وقوع هذه الحادثة: فأين كانت هذه القصة مخبوءة في بطون التاريخ حتى عثر عليها المدعو: عبد اللطيف البغدادي؟0واكمل د/ابراهيم قائلا : ونحن نعلم ان من المؤرخين المصريين غير المسلمين مؤرخان كتبا عن مصر ويعتبر تاريخهما عن مصر من اهم المصادر التي يعتمد عليها وهما(اوتيخا) المتوفي عام 311هـ و(يوحنا اسقف نقيوس ) ولم يتعرضا لهذه الحادثة فيما كتباه كما ان المؤرخين المتقدمين امثال ابن الحكم والبلاذري واليعقوبي والطبري لم يرد في كتبهم شيء عن هذه القصة مطلقا0
وفي كتاب (المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب للمغيري) وهو عبد الرحمن بن حمد بن زيد المغيرى اللامي، الطائي نسبا، الحنبلي مذهبا،والنجدي وطنا،على حسب ماذكر عن نفسه وعرج قائلا : سألني بعض الأخوان أن أجمع نبذة في النسب، تشتمل على أصول العرب، ولم أكن من أهل ذلك الميدان، ولكن حملني على ذلك عدم رغبة الناس في هذا الفن، الذي هو دأب العرب قبلنا فاورد فى خضم كتابه قصة عجيبة على حد قوله!! يقول: روى محرز مولى أبي هريرة قال: مر نفر من عبد القيس بقبر حاتم ونزلوا عنده، فقام إليه رجل يقال له: أبو اليخبري فرج قبره برجله، فقال أحدهم ويلك ما تسمع أتعرض لرجل قد مات ؟ قال إن طيا تزعم إنه ما نزل به أحد إلا أقراه، ثم جن?هم الليل عند القبر فناموا، فقام أبواليخبري فزعاً وهو يقول واراحلتاه ! فقالوا له مالك ؟ قال أتاني حاتم في النوم وعقر ناقتي بالسيف، وأناأنضر إليه وأنشدني شعراً حفظته وهو هذا:
أبو اليخبري وأنت امرؤ ظلوم العشيرة مشتامها
أتيت بصحبك تبغى القرى لدى حفرة قد صدت هامها
أتبغي لي الذم عند المبيت وحولك طيء وأنعامها
فإنا لنشبع أضيافنا وتأتي المطايا فنعتامها
قال فلما قاموا فأذا ناقة الرجل نكوس معقورة فنحروها وباتوا يأكلون، فقالوا أقرانا حاتم حياً وميتاً، قال فلما أصبحوا أردفوا أبو البحتري وساروا وإذا رجل راكب بعيرا ويقود آخر، وهو يقول أيكم أبواليخبري؟ قال أنا، قال خذ هذا البعير، أنا عدي بن حاتم جاءني حاتم في النوم وزعم أنه أقراكم بناقتك،وأمرني أن أجزيك عنها، وإلى هذه القضية أشار بن دارة الغطفاني يمدح عدي بن حاتم فقال:أ
بوك أبو سفانة الخير لم يزل
لدى شيبة حتى مات في الخير راغبا
به تضرب الأمثال في الشعر ميتا
وكــان له إذ ذاك حيــــــــــا مصاحبا
قرى قبره الأضياف إذ نزلوا به
ولم يقر قبرا قبله الدهر راكبا 00
لعل هذه القصة تحاك على الالسن لكن تابا تصديقها قلوب اهل الايمان لانه ليس من المعقول ذلك ونحن لاننسى المقوله من خلف مامات حيث ان طي ضرب بها مثل الكرم ووجود ابنائهاواحفادها كفيل باداء واجب الضيافة لابو اليختري وغيره كأن حاتم حي لم يمت فنقول كفى استهتارا بعقول الناس فاذا كان المتحدث مجنونا لابد ان يكون السامع عاقل 0كما ان الاسقاطات واضحة جلية فى القصة حيث انه ذكر اليختري مرة والبحتري مرة اخرى ولما قال باتوا ياكلون والاولى ان يقول اصبحوا ياكلون 0 ونكتفى بمسماها قصة عجيبة بهذا الحد الذي اوصلنا الى ان عدم الاهتمام بمسببات الحدث وعدم الدقة فى تحديد تواريخها احدث تزويرا بالحقائق و تغييرا فى المعلومات وتحول الى تاثيرات حزبية ومذهبية وشعوبية جعلت المؤرخين يقرأون التاريخ على اساس الثابت القبلي ومنهم من يقراءه على انه اخبار يقوم على المرجعية وله علاقة بالسلطة لان السلطة هي التى تحكم السرد التاريخي وقال وليد نويهض انشق المؤرخون بين فئة تقرأ التاريخ وفق التتابع السياسي المتسلسل زمنيا وفئة أخرى قرأت حوادث الزمن وفق تتابع تاريخي لم يحترم التسلسل السياسي (الدولة فى صعودها وهبوطها) بل التزم خط الترابط الايديولوجي للتطور فربط بين الحوادث واعلام الفكر والفقهاء وبين هذه وتلك نشأت فئة ثالثة ربطت بين حوادث الدولة وحوادث الفكر 0


ابوعبدالله ابن الوجه

مرحبا بك أستاذي الكريم

مما سبق يتضح جليا بما لايدعو للشك ان محور الحديث السابق لايخرج عن الاطار الحالي حيث أن ماينطبق على التاريخ سواء سياسي كما في قصة معاوية رضي الله عنه والحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

و ماكتبه ابن خلدون والتي لا أساس لها من الصحة وإنما محاولة إثارة الفتنة , أو ماكتب ووصف به ثاني الخلفاء الراشدين الفاروق عمر بن الخطاب وان ينسب له الحقد رضي الله عنه, وكذلك ماذكر عن عمروبن العاص

وبعد ذلك التلميع الخرافي والكذب والذي يضر ولا يرفع الشان كما ذكر في قصة حاتم الطائي وماذكره المغيري .

إذن السياسة والطائفية والمذهبية والفكرية والقبليه قد تطغى وتورد التاريخ إلى الكذب والتزوير والتناقض وعدم التسلسل وتحدث التناقضات العديدة من حيث الروايات ومن حيث التواريخ ومن حيث الحوادث

وبالتالي الاستدلال بالشيء يحتاج الى وقفات قبل الحكم بصدقه وقد يحكم على الشيء من باب تحري الصدق به أو من باب الاعتقاد والتأويل الافتراضي ومن ثم يخرج لاحقا مايناقضه

اشكرك مرة اخرى استفدت مما كتبت أتمنى ان لايتوقف حبر قلمك لكل مايفيد شكرا لك شيخي الفاضل .

اولاً يسعدلي مساكم ...

واسف على طول الغيبه لكن بعض الظروف أجبرتني على فراقكم

وهاأنا راجع بكل شوق للاعضاء والمنتدى الغالي .

ويعطيك الف عافيه ع الطرح الرائع تقبل مروري,,,,