09-Oct-2014, 08:52 PM | #1 |
عضو متألق
|
عندما بكت أقلام الخشب
مع ان هذا القول يحتاج إلى تمحيص إلا أنه من المتداول بأن لغتنا العربية كانت أصلا لهجات تتميز عن بعضها البعض بين قبيلة وأخرى بحسب مواطن وسكن كل قبيلة وجيرانها، أو بحسب الدول والممالك التي قامت، وبمجيء الإسلام فيما بعد، توحدت هذه اللهجات بنزول القرآن على لهجة قريش، ويميل المؤرخون إلى أن الخطوط المتداولة في فجر الإسلام كانت خطوط (الحيري – الأنباري الملكي – المدني – الكوفي – والبصري) ومن المؤسف أن أشكال هذه الخطوط لا نعرف عنها شيئا كثيرا لقلة النماذج.
ومما رأته كل الثقافات أن من الجماليات التي بقي العرب يفخرون بها هو الخط. فهو الذي بقي في أيدينا. ولعل البدايات الأولى للكتابة العربية والعودة إلى جذورها وأصلها ومدى تطورها، وصورة ذيوعها وتداولها بين الناس، ليس الأساس فيما قد ندعيه ونتفاخر به في المعارض وملتقيات القلم والريشة. لكن من البديهي إلقاء نظرة سريعة على التطور الذي مس جانباً مهماً من هذا الفن المشرق. والخط العربي رافد مهم، بل هو أهم روافد المعرفة الفنية. فيهتم الناس بالصورة المكتوبة للإشارة الصوتية أكثر من اهتمامهم بالإشارة نفسها. في رأيي أن هذا الفن الذي كان عشقنا وعشق الناس لجزء من ثقافتنا، بدأ ينحو نحو الاندثار والتجاهل. والسبب وهو رأي قد يُخالفني البعض عليه أن اعتماد "لوحة المفاتيح" المعاصرة ابتلعت كل ما نتوقعه من إبداع لدى الجيل القادم. لقد حوّلت الأقراص المدمجة معظم كفاءات ذلك الفن الناعم إلى تابعين لتقنية مستوردة يتلقون خاضعين لدقائق وتفاصيل تعليماتها، وذلك بعد أن ان نحشرت في أدمغتهم تلك التقنية وأبعدتهم عن الركائز المهمة لجوهر الخط العربي واستوطنت بدلاً عنها أشياؤها ومفرداتها التي بدأت في غزو ثقافة الفنون وتحول الخطاط أيضاً إلى عنصر تابع للحاسوب في جميع مستويات العمل الإعلاني، وبدأ في التوقف عن العمل لمجرد انقطاع التيار الكهربائي أو حدوث عوارض مرضية على مجريات الحاسوب، بدلاً أن يكون هو السيد ويكون الحاسوب هو التابع. لقد قضت ثورة المعلومات بكل إفرازاتها على تهميش الحرف العربي بعد أن كان نواة لكل معلومة... لا أقول قضاءً مبرماً لكنني أتحسر ألماً على بوّابات بعض المجلات التي تدّعي الحفاظ على التراث وتستعمل خطوطاً من صناعة الكمبيوتر على غلافها، الأمر الذي ينفي عن تلك المطبوعة صيغتها التراثية وعنصرها الجمالي المتألق، وكأن خط اليد أصبح مقصراً في محراب هذه الاختراعات... وإذا كانت مثل تلك المطبوعة التي تثقف الناس لا تبالي بهذا الأمر ولا تهتم به، فان هذا سينتج ولادة أجيال لا يعطون للمزايا التي يتمتع بها فن الخط أي اعتبار، أو العكس فقد ينتج جيلاً ممن يستعملون فن الخط عن طريق الكمبيوتر، وهم الذين لا يتصلون بفن الخط من قريب أو بعيد، وقد حدث. مما يجعلون الإبداع الخطي اليدوي في غياهب السجن وبعيداً عن الضوء والممارسة الفعلية الجادة. |
لاتامن الدنيا ترى وضعها شين ماعاد به دنيا صحيح بدنها لا صاروا العقال مثل المجانين واصبح ردي العرف يامر وينهي |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
(عرض الجميع ) الأعضاء الذين قرأوا الموضوع هم : 1 | |
|
|