إخوتي الكرام :
أبارك لكم منتداكم الجديد ، وأتمنى على الله أن يكون التوفيق حليفا لكم .
العيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال ساري
هكذا الإنسان يسيح في مرابع الحياة ، ويسرح في مراتع الأيام لايحيد عن طوارق السنن ونواميس الأزمان ، تتجاذبه رياح الأحداث ، وتتقاذفه أمواج الزائلة ؛ يصحو على همومها ، وينام على كدرها .الإنسان ؛ الإنسان الذي تحمل المسؤولية بعد أن رفضتها السموات والأرض والجبال ، واعتذرت عنها إجلالا وإكبارا ؛ لكنه الإنسان وُهب عقلا ثاقبا فاروقا بين الصحيح والسقيم ، رُزق التأمل والتدبر .
هو المخلوق العظيم بتركيبه العقلي ، المعجز ببنائه الجسمي ؛ هو الإنسان ذو المقدرة الفائقة التي تتضاءل حتى تضمحل وتنعدم أمام قوة الجبار ـــ جلت قدرته ــــ .
الإنسان هو المكون للمجتمع ؛ لأن المجتمع ذلك الكم الهائل من الناس عندما تجتمع في بيئة واحدة ( زمان ومكان ) وتكون نسيجا اجتماعيا ذا خط محدد المسار ؛ حيث يحكم بماتعارف عليه المجتمع ، وما تآلفوا عليه من عادات وتقاليد .
المجتمع بأسره سوف تحركه الحياة ، وتتجاذبه الظروف ـــ أيا كانت ـــ ، وسوف يكون له مسار يمخر به عباب الأحداث ، ويتجاوز مفاوز الظروف ؛ ليعلو إلى بر الأمان .
المجتمع لابد له من من قادة يسيّرون أموره ( قادة في الفكر ، قادة في السياسة ، قادة الاجتماع ، قادة في الاقتصاد .) وهؤلاء القادة يطلق عليهم اسم (النخبة .).
إخوتي الأعزاء :
النخب في كل مكان تحركها تصورتها الخاصة التي سوف تؤثر في المجتمع ؛ لأنهم يعدون نخبة لهم أتباع في هذه البقعة العريضة ( المجتمع .)
ما يلاحظ ـــ من خلال استقراء التاريخ ـــ أن لهذه النخب جريرةً على المجتمع .
الأمر الذي يؤسف الجميع :
أنما يحصل بين النخب من تنافس وربما تنافر قد ينسحب على المجتمع ؛ حتى يصبح المجتمع مخلخلا تتعدد ولاءاته ، وتتباين تصوراته ؛ تبعا للقدوة .
إذا تأثير النخب قد يصل إلى تدمير المجتمع ، وهذه النخب سادرة في غيها تهزها الأطماع ، وتستفزها الرغبات سواء أكانت مادية أم معنوية ، والوقود المجتمع .
ومما تجره النخب على المجتمع :
(1) الحروب الأهلية ؛ إن كانت المنافسة بين التيارات السياسية ، كما يحصل الآن في بعض دول أفريقيا ، وكما حدثنا التأريخ عن زمني الأمين والمأمون / وما الانقلابات العسكرية في بعض الدول المجاورة عنا ببعيد .(مايحدث في فلسطين أنموذجا حيا .)
(2)طحن الشعب ؛ إن كان التنافس بين إرادة النخبة الحاكمة وإرادة نخبة التجار ؛ حيث يرفع التجار سلعهم حتى لايستطيع جمهور الشعب الحصول على السلع الأساسية لغلاء أسعارها وانخفاض مدخولاتهم ، فتكون الجعجعة هناك ، والطحن هنا ، والضراب هناك والطعن هنا ؛ ومن أمثلة ذلك :
ماحصل في أوروبة زمن الإقطاع .
( 3 ) تغيير الولاء ا ت ، والنخر في ثوابت المجتمع إن كان التنافس بين قادة الفكر ؛ حتى إن أكثرهم ليروج لأفكار مستوردة ، ويريد أن يسحبها على المجتمع ، فتجد المجتمع ( العامة )ضحية التسليم بها ، ومن أمثلة ذلك :
تعميم الفكر الرأسمالي في المجتمعات الإسلامية .
( 4 ) تجيير مجتمع بأسره ، أو شعب بكامله لمكاسب سياسية ، والمتاجرة بمشاعره لحظوظ دنيوية ؛ كالعمل باسم الأحزاب أو الشعوب أو القبائل ، وما الأحزاب الكردستانية عنا ببعيد .
لاشك أن بعضنا يتجاهل اصطناع النخب ؛ لأن القوة هناك ، وحقل التجارب هنا ، والمادة موجودة ، والإبهار الإعلامي متوافر .
لذا يجدر بنا أن نعمل عقولنا حتى لاننساق وراء شعارا ت زائفة ، ونتوارى خلف ولاءات برقها خلب ونشاصها كاذب ، قد تكون مضرة بنا إن عقيدةً وديانة وإن اجتماعا وإن اقتصادا .
إيماءة :
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
فلنهتم بماتحت الأرض خير من الاهتمام بمافوقها ؛ كما ذكر الشيخ / محمد بن صالح المنجد ، في محاضرة فائتة .
والسلام ختا م .