التحطيب واغتيال الطبيعة وتصحرها
لا أريد أن أعود إلى الماضي السحيق وأقول إنّ الجزيرة العربية كانت مغطاّة بالغابات، وحسبي أن أعود إلى فترة صباي قبل سبعين عاماً، وأقول مثلاً إنّ الطريق بين الطائف ومكة كان مغطىّ بأشجار الشوك، وهي وإن لم تكن صالحة لصناعة الأخشاب، فإنّها صالحة للتحطيب، وهذا ما استخدمت فيه بشكل جائر لا هوادة فيه ولا حسبان لما يترتب عليه من اغتيال للطبيعة وطغيان التصحّر، وقد وصف الكاتب عبدالرحمن منيف في رواية «النهايات» هذا العدوان على الطبيعة وبالتالي انتقامها، ذلك لأنّ الطبيعة تنتقم لما يحدث لها، فتتصحّر وتنجرف تربتها وتنقرض أحياؤها النباتية والحيوانية أو ما يعرف بالفونا، ويقل تساقط الأمطار وقد ينعدم لأنّ الأرض الجرداء وخاصة الصخور تعكس أشعة الشمس وتبدد السحب، ويتكاثر الغبار وقد يتحول إلى عواصف ترابية تنعدم معها الرؤيا وتختنق الأنفاس، ويستحيل السفر براً في بعض الطرق، وأذكر أنّ وزارة الزراعة قبل ستين عاماً أو تزيد استصدرت أمراً سامياً بعدم قطع الأشجار، ولكنّه لم ينفذ مع الأسف، ولم تصحبه حملة توعية بأخطار تقطيع الأشجار وجرائره، ونحن الآن نشهد بيع الحطب المحلي في الأسواق عياناً بياناً دون تدخل من أجهزة رقابية، فمتى تستفيق هذه الأجهز
|